ورجل واحد، وعلى هذا الأساس شبه الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المسلمين بـ «الجَسَدِ الوَاحِدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى».
وإذا كان الإسلام في حقيقته عقيدة ونظامًا، فإن طبيعته تقتضيه أن يكون حكمًا، ذلك أن قيام العقيدة يقتضي قيام النظام الذي أعد لخدمتها، ولا يمكن أن يقوم النظام الإسلامي إلا في ظل حكم إسلامي يماشي النظام الإسلامي ويؤازره، إذ أن كل حكم غير إسلامي لا بد أن يؤدي إلى تعطيل النظام الإسلامي، وإذا كان قيام النظام الإسلامي يقتضي قيام حكم إسلامي فمعنى ذلك أن الحكم الإسلامي من مقتضيات الإسلام أو هو من طبيعة الإسلام.
الإِسْلاَمُ دِينٌ وَدَوْلَةٌ:
والإسلام ليس دينًا فحسب وإنما هو دين ودولة وفي طبيعة الإسلام أن تكون له دولة، ولو حذفنا النصوص الصريحة التي أوردناها فيما سبق والتي توجب الحكم بما أنزل الله، لما غير ذلك شيئًا من طبيعة الإسلام التي تقتضي قيام الحكم الإسلامي والدولة الإسلامية، فكل أمر في القرآن وَالسُنَّةِ يقتضي تنفيذه قيام حكم إسلامي ودولة إسلامية لان تنفيذه كما يجب غير مأمون إلا في ظل حكم إسلامي خالص ودولة إسلامية تقوم على أمر الله. وقيام الإسلام نفسه في الحدود التي رسمها الله وبينها الرسول يقتضي قيام دولة إسلامية تقيم الإسلام في حدوده المرسومة، وذلك منطق لا يجحده إلا مكابر، إذ أن الإسلام لا يمكن أن يقوم على وجهه الصحيح في ظل دولة غير إسلامية لا يهمها أن يقام، ولا يضرها أن ينتقص منه، ولا