يمنعها شيء من تعطيله أو الانحراف به، وإنما يقوم الإسلام على وجهه الصحيح في ظل دولة تقوم على مبادئ الإسلام وتتقيد بحدوده.
وأكثر ما جاء به الإسلام لا يدخل تنفيذه في اختصاص الأفراد وإنما هو اختصاص الحكومات وهذا وحده يقطع بأن الحكم من طبيعة الإسلام ومقتضياته وأن الإسلام دين ودولة.
فالإسلام قد أتى بتحريم كثير من الأفعال، واعتبر اتيانها جريمة يعاقب عليها، وفرض لهذه الجرائم عقوبات، ومن هذه الجرائم القتل العمد وعقوبته القصاص:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}[البقرة: ١٧٨]. والسرقة عقوبتها قطع اليد:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}[المائدة: ٣٨]. والقذف وعقوبته الجلد:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً}[النور: ٤].ولا جدال في تحريم الأفعال واعتبارها جرائم وفرض العقوبات عليها إنما هو من مسائل الحكم ومن أخص ما تقوم به الدولة، ولو لم يكن الإسلام دينًا ودولة لما سلك هذا المسلك.
ولا شك أن القرآن لم يأت بالنصوص الخاصة بالجرائم عَبَثًا، وإنما جاء بها لتنفذ وتقام، وإذا كان القرآن قد أوجب على المسلمين إقامة هذه النصوص وتنفيذها، فقد أوجب عليهم أن يقيموا حكومة ودولة تسهر على إقامة هذه النصوص، وتعتبر تنفيذها بعض ما يجب عليها.