للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحرص الإدخار، ومجاراة الظروف، وَعدم الثَّبَات على حَال، إِلَى غير ذَلِك. وَكلهَا قَوَاعِد شَرّ ومجالب ضرّ، لَا يلطفها غير ناموس شرِيف وَاحِد، مودوع فِي فطْرَة الْإِنْسَان، وَهُوَ: إذعانه الفكري للقوة الْغَالِبَة، أَي معرفَة الله بالإلهام الفطري، الَّذِي هُوَ الْهَام النَّفس رشدها، وإلهامها فجورها وتقواها (مرحى) .

وَلَا ريب فِي أَن لهَذِهِ الْفطْرَة الدِّينِيَّة فِي الْإِنْسَان علاقَة عظمى فِي شؤون حَيَاته، لِأَنَّهَا أقوى وَأفضل وازع يعدل سَائِر نواميسه الْمضرَّة، ويخفف مرَارَة الْحَيَاة الَّتِي لَا يسلم مِنْهَا ابْن أُنْثَى، وَذَلِكَ بِمَا يؤمله الْمُؤمن من المجازاة والمكافأة، والانتقام مِنْهُ وَله (مرحى) .

وَعند تدقيق حَالَة جَمِيع الْأَدْيَان والنحل تدقيقاً تاريخياً، تُوجد كلهَا ناشئة عَن اصل صَحِيح بسيط سماوي، لَا ترى فِيهِ عوجا وَلَا أمتا، يُوجد أَن كل دين كَانَ فِي أوليته باثا فِي أَهله النظام والنشاط، وراقياً بهم إِلَى أوج السَّعَادَة فِي الْحَيَاة، إِلَى أَن يطْرَأ عَلَيْهِ التَّأْوِيل والتحريف والتفنن والزيادات رُجُوعا إِلَى اصلين اثْنَيْنِ: (الْإِشْرَاك بِاللَّه، وَالتَّشْدِيد فِي الدّين) . فَيَأْخُذ فِي الانحطاط بالأمة، وَلم يزل نازلا بهَا إِلَى أَن تبلغ حَالَة أقبح من الْحَالة الْأَصْلِيَّة الهمجية، فتنتهي

<<  <   >  >>