للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال محمد: ويعتبر ذلك عندنا أن ذلك إذا أصابه القذر فغسل ذهب ذلك عنه، فلم يحمل قذراً وإنما معناه في الماء إذا كان كثيراً أو جارياً أنه لم يحمل خبثاً، هذا في (ق١٠/ أ) الراكد، وأما الجاري قال محمد في كتاب "الأشربة": في الأصل ولو صب رجل خابية خمر في نهر مثل الفرات أو أصغر منه، ورجل أسفل منه فمر به الخمر فلا بأس بأن يشرب من ذلك الماء، إلا أن يجد فيه ريحها أو طعمها، فلا يحل له في هذا لفظ (١)، وإن كانوا كلهم قالوا ورجل يتوضأ ... الخ ما قدمته عنهم وتقدم عن أبي

حنيفة في الجاهل يبول في الماء الجاري أنه لا بأس بالوضوء من أسفل منه، فصار الاتفاق على أن الجاري لا ينجس إلا بظهور النجاسة فيه إذا كانت غير مرئية، وأما المرئية فقال الشيخ الإمام أبو عبد الله محمد بن رمضان (٢) في كتابه المسمى بـ "الينابيع": "وقال أبو يوسف في ساقية صغيرة فيها

كلب ميت قد سد عرضها فيجري الماء فوقه وتحته أنه لا بأس بالوضوء أسفل من الكلب، وهذا هو المختار أيضاً، وتقدمت التفاصيل في مثل هذا على قول أبي حنيفة، فاستدلوا في كثير من الكتب بقول أبي حنيفة بما قدمت بطلانه، وقال الرازي في "أحكام القرآن": والذي يحتج به لقول أصحابنا قوله تعالى: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: ١٥٧]، والنجاسة لا محالة من الخبائث، وقال: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ} [البقرة: ١٧٣]، وقال في الخمر: {رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} [المائدة: ٩٠]، ومر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقبرين، فقال: "إنهما لا (٣) يعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستنزه من البول، وأما الآخر كان يمشي بالنميمة" (٤)، فحرم الله هذه الأشياء تحريماً


(١) كذا بالأصل.
(٢) وهو محمد بن رمضان الإمام أبو عبد الله الرومي مؤلف كتاب الينابيع وقد شرح القدوري شرحًا جامعًا لكثير من الفروع الفقهية، وسماه"الينابيع في معرفة الأصول والتفاريع" كما في تاج التراجم (ص/٢٦٠)، والجواهر المضية (٢/ ٥٣).
(٣) كذا بالأصل، والصواب حذفها كما في رواية أبي داود.
(٤) والحديث متفق عليه ولفظه عند البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين، فقال: «إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة».

<<  <   >  >>