هذا تنبيه على اشتراط ابن الصلاح في من أخذ حديثاً من معتمد أن يقابل في أن الحافظ ابن خيرٍ نص على اتفاق العلماء على أنه لا يصح لمسلم أن يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا حتى يكون عنده ذلك القول مروياً ولو على أقل وجوه الروايات، لحديث «من كذب علي متعمداً»، وفي بعضها «من كذب عَليَّ» مطلقاً، فـ «امتناعُ جزمٍ» مبتدأ، و «إجماع» خبره معموله.
قلت: و «ابن خَير» بفتح الخاء المعجمة، وإسكان الياء المثناة تحت، وبعده راء مهملة، هو: الحافظ أبو بكر محمد بن خير من أهل إشبيلية، وكان يقول في نسبه الأموي: بفتح الهمزة، سمع بالمغرب من جماعات كثيرين، ولقي عياضاً، وسمع منه، وأجاز له من الأعلام الأندلسيين بن عتاب وغيره، ومن أهل المشرق السِّلَفي، وكان من الإكثار في تقييد الآثار والعناية بتحصيل الرواية بحيث يأخذ عن أصحابه الذين شركهم في السماع من شيوخه، فكان عدد مَنْ سمع منه أو كتب إليه نيفاً ومائة رجل، قد احتوى على أسمائهم برنامج له ضخم في غاية الاحتفال والإفادة، ومن برنامجه هذا تَلَقَّفَ (ن) ما نص عنه هنا، تَصَدَّر بإشبيلية للإقراء والسماع، وأخذ عنه الناس، وكان مُقَرَّئاً، مجوِّداً، ضابطاً، محدثاً، جليلاً، متقناً، أديباً، نحوياً، لغوياً، واسع المعرفة، رضياً، مأموناً، كريم العشرة، خيراً، فاضلاً، ما صَحِبَ أحداً ولا صحبه أحدٌ إلا وأثنى عليه، انتهى.