إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
أما بعد،
ففي زمن كثرت فيه المغالطات، واختلت فيه الموازين، وانتشرت فيه الأفكار والمفاهيم العلمانية، ومُكّن لها في الإذاعات والقنوات التلفزية الوطنية، وملئت بها المناهج والمقررات التعليمية، فحلت مصطلحات مثل الأنسنة والكونية والمواطنة محل مصطلحات الحلال والحرام والولاء والبراء ورابطة الدين ..
وفي زمن التبست فيه المفاهيم ذات المرجعية الدينية، خصوصا ما تعلق منها بمعنى الاعتدال والوسطية فأصبح نبذ المحرمات والتزام سنة النبي صلى الله عليه وسلم عقيدة وسلوكا ومنهجا من علامات التطرف، وأضحى من شروط الاعتدال أن تسمح لنفسك بالسباحة على الشواطئ عاريا وأن تستمع للموسيقى وترقص، وأن لا تظهر عليك أمارات الغيرة على زوجتك وبناتك إن تبرجهن أو تهتكهن، وألا تمانع أو يتمعر وجهك إن هن أقمن مع غير المحارم علاقات غير شرعية أو مشبوهة، فلا محل لأي تدخل منك في حياتهن لأن زمن الحلال والحرام قد ولّى! وفصل الخطاب لا بد اليوم أن يسمع من فم رجل القانون لا عالم الدين .. !
وفي زمن تتدخل فيه الدول النصرانية في مناهج التعليم في بلدان إسلامية، وتشارك في تنظيم حقلها الديني، وتضغط بقوة المال والسياسة والمنظمات والسلاح حتى تتكيف مرجعيتها مع القوانين الدولية ويخضع علماؤها ومثقفوها لما سطره الرجل الغربي في لوائح حقوق الإنسان وإن خالف المعلوم من دين الإسلام بالضرورة ..
وفي زمن يتمكن فيه الإنسان من حيازة آلاف الكتب في قرص مدمج واحد، ويستطيع في طرفة عين أن يتصل بأعلم أهل الأرض، وأن يشاهد ويسمع لمن يريد من أهل العلم عبر العالم وعلى اختلاف المذاهب.