كان مالك رحمه الله من أشد الناس نهيا عن البدع والمحدثات، ومن أشد العلماء تحذيرا من مخالفة السنة، وقد صح عنه في غير ما أثر نهيه الشديد عن البدع التي أحدثها المتكلمون وغيرهم.
ولهذا قال محمد بن وضاح الأندلسي المالكي (ت٢٨٧) في البدع والنهي عنها (١١٣): وقد كان مالك يكره كل بدعة وإن كانت في خير.
وعن أشهب قال: سمعت مالكا يقول: إياكم والبدع، قيل: يا أبا عبد الله وما البدع؟ قال: أهل البدع الذين يتكلمون في أسمائه وصفاته وكلامه وعلمه وقدرته ولا يسكتون عما سكت عنه الصحابة والتابعون (١).
عن الزبير بن بكار قال: سمعت مالك بن أنس وأتاه رجل فقال: يا أبا عبد الله من أين أحرم؟ قال من ذي الحليفة، من حيث أحرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني أريد أن أحرم من المسجد، فقال: لا تفعل، قال: فإني أريد أن أحرم من المسجد من عند القبر، قال: لا تفعل، فإني أخشى عليك الفتنة، فقال:
(١) أخرجه الصابوني في عقيدة السلف (٦٩) والبغوي في شرح السنة (١/ ٢١٧) والهروي في ذم الكلام (٥/ ٦٨) والسيوطي في الأمر بالاتباع (٨٣) والأصبهاني في الحجة (١/ ١٠٤) وأبو الفضل المقري فيما انتخبه من أحاديث في ذم الكلام وأهله (٨٢) وأبو المظفر السمعاني في كتاب الانتصار لأهل الحديث، كما في الآداب الشرعية (١/ ١٥٦).