فبانطماس هذا النور عنهم ضلوا، فاقتدوا بجهال أمثالهم، وأخذوا يقرؤون الأحاديث النبوية والآيات القرآنية فينزلونها على آرائهم، لا على ما قال أهل العلم فيها. فخرجوا عن الصراط المستقيم، إلى أن يجتمعوا ويقرأ أحدهم شيئاً من القرآن يكون حسن الصوت طيب النغمة جيد التلحين تشبه قراءته الغناء المذموم، ثم يقولون: تعالوا نذكر الله، فيرفعون أصواتهم، ويُمشون ذلك الذكر مداولة، طائفة في جهة، وطائفة في جهة أخرى، على صوت واحد يشبه الغناء، ويزعمون أن هذا من مجالس الذكر المندوب إليها.
وكذبوا، فإنه لو كان حقاً لكان السلف الصالح أولى بإدراكه وفهمه والعمل به؟ وإلا فأين في الكتاب أو في السنة الاجتماع للذكر على صوت واحد جهرا عاليا، وقد قال تعالى:{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}[الأعراف:٥٥].
والمعتدون في التفسير هم الرافعون أصواتهم بالدعاء ...
إلى أن قال: وقد جاء عن السلف أيضاً النهي عن الاجتماع على الذكر، والدعاء بالهيئة التي يجتمع عليها هؤلاء المبتدعون. انتهى كلام الشاطبي.
وقال (٢/ ٣٢٢): وأما العادة فكالجهر والاجتماع في الذكر المشهور بين متصوفة الزمان، فإن بينه وبين الذكر المشروع بونا بعيدا، إذ هما كالمتضادين عادة.