للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التمس لذلك أسبابا واهية ... » «١» .

مركوليوث: «عاش محمد هذه السنين الست، بعد هجرته إلى المدينة على التلصص والسلب والنهب، ولكن نهب أهل مكة قد يبرّره طرده من بلده ومسقط رأسه وضياع أملاكه وكذلك بالنسبة إلى القبائل اليهودية في المدينة. فقد كان هناك على أي حال سبب ما- حقيقيا كان أم مصطنعا- يدعو إلى انتقامه منهم، إلا أن خيبر التي تبعد عن المدينة كل هذا البعد لم يرتكب أهلها في حقه ولا في حق أتباعه خطأ يعتبر تعديا منهم جميعا، لأن قتل أحدهم رسول محمد لا يصح أن يكون ذريعة للانتقام.. وهذا يبين لنا ذلك التطور العظيم الذي طرأ على سياسة محمد، ففي أيامه الأولى في المدينة أعلن معاملة اليهود كمعاملة المسلمين، لكنه الآن (بعد سنة ٦ هـ) أصبح يخالف تماما موقفه ذاك. فقد أصبح مجرد القول بأن جماعة ما غير مسلمة يعتبر كافيا لشن الغارة عليها ... وهذا يفسر لنا تلك الشهوة التي سيطرت على نفس محمد، والتي دفعته إلى شن غارات متتابعة، كما سيطرت على نفس الإسكندر من قبل ونابليون من بعد ... إن استيلاء محمد على خيبر يبين لنا إلى أي حد قد أصبح الإسلام خطرا على العالم» «٢» .

نولدكه: «لو أن القبائل العربية استطاعت أن تعقد بينها محالفات حربية دقيقة ضد محمد للدفاع عن طقوسهم وشعائرهم الدينية، والذود عن استقلالهم، لأصبح جهاد محمد ضدهم غير مجد، إلا أن عجز العربي عن أن يجمع شتات القبائل المتفرقة قد سمح له أن يخضعهم لدينه، القبيلة تلو الآخرى، وأن ينتصر عليهم بكل وسيلة، فتارة بالقوة والقهر، وتارة بالمحالفات الودية والوسائل السلمية» «٣» .

«كان النبي لا يتحرج في اختيار الوسائل التي تضمن له النجاح والظفر في الوقت الذي كان خياليا، ولم يكن له سلطان على خياله وعواطفه» «٤» .

بندلي جوزي «٥» : «لا شك أن النبي العربي لم يقصد بأقواله وأفعاله في مكة


(١) الدولة العربية وسقوطها ص ١٥- ١٦.
(٢) مرغوليوث: محمد وقيام الإسلام ص ٢٦٢- ٢٦٣ عن فتحي عثمان: أضواء على التاريخ الإسلامي ص ١٦٩- ١٧٠.
(٣) تاريخ العالم للمؤرخين ٨/ ١١ عن فتحي عثمان: أضواء ص ١٧٠.
(٤) عن فتحي عمثان: أضواء ص ١٧١- ١٧٢.
(٥) بندلي جوزي (١٨٧١- ١٩٤٢) من أهل القدس، تخصص في قازان باللغات السامية والدراسات الشرقية، وتولى التدريس في معهد الرهبان ثم في جامعة قازان ثم في جامعة باو إلى أن توفي، وقد عده المستشرقون الروس مرجعا من مراجعهم: عن كتاب نجيب العقيقي: المستشرقون، جزء ٣ ص ٩٣١.

<<  <   >  >>