ولقد شاهدت في هذه الأيام أعاجيب منها أنني أدركت الوباء العظيم في سنة ثلاث وثلاثين ثم في سنة أحد ى وأربعين ثم في سنتي سبع وثمان وأربعين ثم في سنة ثلاث وخمسين وكان وباء سنة ثلاث وثلاثين مهولا إلى الغاية بحيث إنه مات فيه في اليوم الواحد من الخلائق ما ينيف على عشرة آلاف نفر ومع ذلك فكنت أجد آذاك بالمقترحات والشوارع جماعة من العامة يضحكون ويهزلون ومنهم من كان يقع فيما قدر عليه هذا مع عظم الوباء بالمفرط وسرعة الموت بخلاف هذه الأيام فكنت لا ترى من الناس إلا باكيا أو متضرعا إلى الله أو مهموما بكثرة عياله ولا ترى جماعة بمكان إلا وكلامهم غالبا في القمح والدقيق والخبز فكا هذا دأب الناس في هذه الأيام.
وفي يوم الجمعة تاسع عشرة خرج القوم أيضاً مرة ثالثة إلى الاستسقاء بالمكان المذكور وفعلوا كفعلهم في المرتين من التضرع والدعاء إلى الله ونودي فيه أيضاً بزيادة إصبع من النقص فلله الحمد