وفي الثلاثاء ثاني عشرة أمر السلطان بعزل القاضي كمال الدين ابن البارزي عن كتابه السر وسبب ذلك غريبة من الغرائب وهي أن ورثة شمس الدين محمد الحموي ناظر القدس وقفوا إلى المواقف الشريفة بقضية بسبب الشكوى على من وضع يده على تركه شمس الدين المذكور فحال قراءة كاتب السر للقضية المذكورة أمر السلطان بعزله وتوجهه إلى حبس المقشرة من غير أن يعلم أحد ما الموجب لذلك فخرج كاتب السر لوقته وجلس بجامع الملك الناصر محمد بن قلأوون بقلعة الجبل فلم يطل جلوسه وإذا بالرسوم قد برز بتوجهه إلى أرضه على إنه يزن خمسة آلاف دينار فنزل إلى داره معزولا ولسان حاله يقول ما أحسن هذا لو دام واستمر وأخذ يستعفي عن الوظيفة بكل ما تصل القدرة إلي فلم يسمع له ذلك ورسم بطلوعه ولبسه خلعة الاستمرار حسبما يأتي.
وفي يوم الخميس رابع عشرة ويوافقه تاسع مسرى أحد شهور القبط وفي النيل المبارك ستة عشر ذراعا ونودي بزيادة إصبعين من الذراع السابع عشر فنزل المقام الفخري عثمان من وقته في وجوه الناس من الأمراء وأعيان الدولة إلى أن عدى النيل وخلق المقياس ثم عاد في الخراقة حتى فتح السد على العادة ثم ركب وطلع إلى القلعة فكان هذا اليوم من الأيام المشهودة لغاية سرور الناس بوفاء النيل وخلق الناس بعضهم بعضا بالزعفران وكثر حمد الناس وشكرهم لله تعالى على هذه المنة العظيمة ولله الحمد وما أحسن قول سبط الشيخ شرف الدين عمر ابن الفارض في هذا المعنى رحمه الله تعالى (الكامل) .