وتوفي الأمير تمراز بن عبد الله النوروزي أحد أمراء العشرات ورأس نوبة من جرح أصابه في حصار رودس فحمل إلى أن مات بالقرب من ثغر دمياط فدفن به في أواخر جمادى الآخرة وكان يعرف بتعريض وهو من مماليك نوروز الحافظي نائب الشام وتأمر في الدولة الظاهرية جقمق وكان في ملبسه ومركبه وعند كرم وحشم وكان كبير اللحية حسن رحمه الله.
وتوفي المقام الناصري محمد بن السلطان الملك الظاهر جقمق في ليلة السبت قاني عشرين ذي الحجة بقلعة الجبل وحضر والده الصلاة عليه ودفن بتربة عمه جاركس القاسمي المصارع تجاه القلعة وأمه الست قراجا بنت ارغون شاه أمير مجلس الملك الظاهر برقوق وكان عاقلا سيوسا عارفا مدبراً حريصا متجملاً في مماليكه وحشمه يسير على قاعدة السلاطين في ركوبه وجلوسه ويخاطبه في ركوبه للصيد أمير شكار وغيره بالسلطان ولقبه جماعة من الشعراء بالناصر في مخلص قصائدهم وكان أهلا للسلطنة بلا مدافعة ولو تسلطن ما اختلف عليه اثنان لما كنت أعرفه من همته ومعرفته وكان يحب اللهو والطرب على قاعدة العقلاء والرؤساء من الملوك مع إقامة الناموس والحرمة لشهامة كانت فيه وكانت غالب الأمراء وأعيان الخاصكية تترقب سلطنته يوما بيوم ولو ملك لسار على قاعدة عظماء الملوك لا كنت أعلمه منه وأنا أخبر حاله من غيري لصحبة كانت بيننا قديمة ثم صارت بيننا صهارة لما تزوج ابنة كريمتي بنت الاتابك اقبغا التمرازي نائب دمشق وكنت أنا المتولي تربيتها وعمل شوارعا بعد موت والدها فتأكدت الصحبة ذلك وفي الجملة كان أجل أولاد السلاطين وأولاد الناس الذين أدركناهم رحمه الله.
وكان السبب في غضبه - يعني الملك الأشرف - عليه - يعني فيروزا الرومي الزمام - هذه النوب أن الاشرف كان قوي عنده إنه دس عليه السم وأن الأطباء لا ينصحونه في العلاج وبينما هو في بعض الأيام إذ دخل عليه فيروز بمغلي ليشربه فقال له الأشرف اشرب منه الششني فامتنع لكونه كان صائما فلما رأى الاشرف ذلك تحقق ما كان ظنه واتهمه فيمن اتهمه ولولا أجله لكان أمر بتوسيطه أيضاً مع الأطباء.