وأخذ محمد الونائي عن الشيخ سراج الدين الدموشي وهو أحد مشايخه والشمس البرماوي والشمس الشطنوفي والبدر الدماميني المالكي وحضر دروس النظام يحيى السيرامي الحنفي وقرأ على الشمس البساطي ثم على العلاء البخاري ولازمه كثيرا وبه انتفع واشتهر ودأب في طلب العلم.
وطالت أيامه - يعني أيام يشبك السودني - وصارت كلمته نافذة وشفاعته مقبولة عند السلطان وسار على طريق السلف في الحزمة وكثرة المماليك بحسب الوقت واستمر سنين إلى أن مرض في أوائل سنة سبع وأربعين وطال مرضه واختلفت الأقاويل في سببه وقيل إنه اغتيل بالسم فإنه كان قد حصل له استرخاء في أعصابه وصار لا يطيق حركة بيديه ولا رجليه ثم عوفي قليلا وصار يمشي وركب إلى الخدمة غي مرة ثم انتكس ولزم الفراش حتى مات وهو في حدود الخمسين تقريبا وكان أشقر إلى الطول اقرب ساكتا قليل الكلام وفي لسانه لكنة مع عجمة وقلة معرفة فإنه كان مهملا عاريا من كل فن مع ظلم وشح وسوء خلق وطمع زائد علمت ذلك لما أخذ اقطاع الاتابك اقبغا التمرازي وكنت أنا متحدثا على تركة اقبغا فكنت إذا كلمته في أمر المستحق من الاقطاع للأيتام يكاد يخرج من حال إلى حال هذا مع الثروة الزائدة والمكنة العظيمة ومات ولم يتخلص منه ولم يستوف استحقاق الأيتام إلا من تركته عفا الله عنه ومع تمكنه الزائد لم يفعل ما يذكر به من سبل ومساجد على عادة عظماء الملوك بل أنشأ تربة بالصحراء بجوار قربة الأشرف برسباي لم تكمل إلى الآن ودفن فيها قبل إكماله رحمه الله.
وأخذ محمد القاياني عن البدر الطنبذي والشمس الغراقي والتقي ابن العز الحنبلي وقنبر العجمي والنور الادمي والقطب الابرقوهي والهمام الخوارزمي والعز ابن جماعة في العلوم العقلية وغيرها والبرهان البجوري والمولي العراقي والشمس البساطي والعلاء البخاري ولازمه كثيرا وبه انتفع وعرف بين فقهاء الديار المصرية.
وصلى عليه - يعني على يوسف البحيري - البدر العيني مع عداوة كانت بينهما من سنين وكان غالب إقامته بالأزهر مستقبل القبلة دينار خيرا أمرا بالمعروف متعصبا لمن يقصده من أراب الحوائج مقبول الشفاعة عند أرباب الشوكة.