وكان محمد الحنفي الرومي الكاتب ممن نال حظا في الدنيا اتصل بصحبة الظاهر ططر وحظي عنده بحيث إنه لما تسلطن انعم عليه بعشرة آلاف دينار دفعة ثم صار في الدولة الاشرفية متوسط الحال معظما عند غالب أرباب الدولة لا سيما عند أعيان الأمراء من حواشي ططر ثم اتصل بالظاهر وحظي عنده إلى الغاية بحيث صار هو المشار إليه في الدولة والمقصد لأرباب الحوائج ونالته السعادة فأثري وحصل الكتب النفسية والأملاك وهو مع ذلك لا يبرح عن ركوب الحمار عند طلوعه القلعة استكراء لا ملكا ودام على ذلك سنين إلى أن استفحل أمر أبي الخير النحاس فلا زال به حتى نكبة السلطان وصادره بعد سجنه بالديلم وتعزيزه وتوجهه إلى السجن ماشيا حسما تقدم في حوادث سنة اثنتين وخمسين وقطع السلطان معاليمه من الجوالي وكان يزيد على الدينارين في كل يوم وغيرها ثم اخرج عنه من السجن ورسم بلزوم داره فلزمها وار أحيانا يطلع للسلطان كآحاد الناس واستمر على ذلك حتى مات رحمه الله وكان يكتب الخط المنسوب ويذاكر ببعض مسائل وله إلمام بالأدب والتاريخ بحسب الحال.
وتوفي الأمير بردبك العجمي الجكمي نائب حماة كان ثم أحد مقدمي الألوف بدمشق في أوائل رجب وكان غير مشكور السيرة كان اصله من مماليك جكم من عوض المتغلب على حلب ثم تنقل في الخدم بعده حتى ولي عدة ولايات في دول عديدة ثم ولي حجوبية حجاب حلب في الدولة الاشرفية ودام حت نقله الظاهر إلى نيابة حماة بعد عصيان تغرى برمش نائب حلب في سنة اثنتين وأربعين فأستمر في نيابة حماة إلى أن عزل عنها بعد أن وقع بينه وبين أهلها وقعة هائلة قتل فيها جماعة وخرج يردبك عن طاعة السلطان مدة ثم عاد إلى حماة وقدم الديار المصرية فقبض عليه السلطان وحبسه بسجن الإسكندرية في حدود سنة سبع وأربعين إلى أن افرج عنه في سنة ثلاث وخمسين ونقله إلى دمياط فدام بالثغر بطالا مدة ثم طلب إلى القاهرة وأنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف بدمشق عوضا عن يشبك النوروزي حاجب دمشق المنتقل إلى نيابة طرابلس في سنة ثلاث وخمسين ورسم له أيضاً بان يتوجه أمير حاج محمل دمشق فيها فتوجه إلى دمشق وحج منها وعاد إليها ودام بها حتى مات رحمه الله.