وأصله - يعني تمراز البكتمري - من مماليك المؤيد شيخ ثم صار بعده في خدمة تنبك ميق نائب الشام ثم صار بعد موته خاصكيا في الدول الاشرفية ثم بقي من الدوادارية في الأيام العزيزية إلى أن ندبه الظاهر إلى شد بندر جدة بالبلاد الحجازية مرة ثم أخرى وفيها أنعم عليه بإمرة عشرة بعد موت اقبردي المظفري بمكة ثم قدم القاهرة ودام بها سنين إلى أن ولي نيابة القدس بسعي فلم ينتج أمره وعزل ونفي إلى دمشق ثم قدم القاهرة وولي القدس ثانيا وعزل أيضاً بعد يسير وأخرج اقطاعه بالقاهرة وصار بطالا بلا اقطاع مدة إلى أن ندبه السلطان إلى شد بندر جدة ثالثا في سنة ثلاث وخمسين فتوجه إليه وباشر إلى أن انتهى أمره فبدا له أن يأخذ ما تحصل له مع ما تحصل للسلطان ويتوجه به إلى اليمن أو حيث شاء فابتاع مركبا وشحنها بالأزودة وآلات الحرب على إنه يركب فيها إلى جهة الديار المصرية وأخفى ذلك عن الناس حتى حول جميع ما معه إلى المركب ثم نزل فيها وسافر إلى جهة اليمن ثم بدت له بعد ذلك أمور وتوجه إلى الهند ووقعت له محن وقاسى أهوالا وآل أمره إلى أن جاء إلى اليمن فنزل بالحديدة وأكرمه شيخها وأنزله واستفحل أمر كل منهما بالآخر وأرسل إلى السلطان بنحو خمسمائة تكرة البهار ووعده بإرسال ما بقي عنده من مال السلطان وطلب منه خلعة بولاية اليمن فوعده بذلك أن قدم الدار المصرية أو بندر جدة وبينما هو بالحديدة إذ تحرك شيخها على أعدائه بيوت حسن وقاتلهم فركب معه تمراز بمن معه واقتتل الفريقان اشد قتال فقتل تمراز هذا في المعركة وكذا شيخ الحديدة مع نحو خمسين من عسكرهما فعشرة من أصحاب تمراز والباقون من الأعراب وأخذ ما معه وحمل إلى بندر جدة فسر السلطان بقتله وقد حكينا أمره وشراءه المركب المروس وكيف كان في ركوبه البحر إلى أن عاد وقتل كل ذلك في حوادث هذه السنة وكان أشقر ضخما للطول اقرب رأسا في الصراع مع شجاعة وإقدام وحدة وبطش وخفة وسوء خلق رحمه الله.