للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نفسك: ماذا سأعمل اليوم؟ فيكون لك خطة عمل واضحة , فتنجز كل يوم شيئا جديدا , فيصبح لحياتك معنى.

يقول ابن القيم: " العبد من حين استقرت قدمه في هذه الدار فهو مسافر فيها إلى ربه , ومدة سفره هى عمره الذي كتب له. فالعمر هو مدة سفر الإنسان في هذه الدار إلى ربه - تعالى - ثم قد جعلت الأيام والليالى مراحل لسفره , فكل يوم وليلة من المراحل فلا يزال يطويها مرحلة بعد مرحلة حتى ينتهى السفر. فالكيّس الفطن هو الذي يجعل كل مرحلة نصب عينيه , فيهتم بقطعها سالما غانما , فإذا قطعها جعل الأخرى نصب عينيه ولا يطول عليه الامد فيقسو قلبه ويمتد أمله ويحضره بالتسويف والوعد والتأخير والمطل , بل يعد عمره تلك المرحلة الواحدة فيجتهد في قطعها بخير ما بحضرته , فإنه إذا تيقن قصرها وسرعة انقضائها هان عليه العمل وطوعت له نفسه الانقياد إلى التزود , فإذا استقبل المرحلة الأخرى من عمره استقبلها كذلك , فلا يزال هذا دأبه حتى يطوى مراحل عمره كلها فيحمد سعيه ويبتهج بما أعده ليوم فاقته وحاجته , فإذا طلع صبح الاخرة وانقشع ظلام الدنيا , فحينئذ يحمد سراه وينجلى عنه كراه , فما أحسن ما يستقبل يومه وقد لاح صباحه واستبان فلاحه ".

إذا نريد أن نجعل كل يوم وحدة مستقلة نعيشها ونخطط لها في حينها , أما " غدا " فلا علاقة لنا به , فحينما يأتى سنفكر له في حينه , وأما " أمس " فقد انقضى وانتهى فلا علاقة لنا به أيضا , نحن الآن في " اليوم "

<<  <   >  >>