فاذا تحددت وجهتك - أيها السائر - وعلم مقصدك بتوحيدين هما: توحيد القصد وتوحيد المقصود , فالمقصود هو الله سبحانه وتعالى , والقصد ارادة وجهه الكريم .. اذا تحددت وجهتك هذه وعلم مقصدك هذا فقد استرحت في هذه السفرة .. وسيتبين لك ذلك حين نذكر فيما بعد أن المشغبين كثير , والسبل مدلهمة , والعوارض تفتر العزائم .. فاذا حصل توحيد القصد وتوحيد المقصود لم يلتفت إلى الاغيار.
فالنية - أخى السائر - النية .. النية بداية الطريق .. فطهر قلبك لتستعد للسفر.
[الومضة الثالثة: مقومات السفر]
اذا كنت - أخى السالك - لازلت مصرا على الاتمام , فاعلم أن من مقومات السفر: المنهج , واعلم ان منهجنا معصوم , فلا مجال لنا للاجتهاد فيه , إذ اتفق العلماء على أن أعمال العبادات توقيفية , الظاهر منها والباطن ولذا فقد تكفل الشرع - كتابا وسنة - بوصف المنهج في هذا الطريق وصفا لا يزيغ عنه الا هالك.
قال سبحانه:" إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى "(الليل: ١٢).وإذا قال " علينا " فقد وجبت .. وقال سبحانه:" وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ "(البلد: ١٠) , وقال - سبحانه - حاكيا عن موسى لما سئل عن ربه أنه عرّفه فقال:" رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى "(طه: ٥٠) , وقال سبحانه:" وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ "(التوبة: ١١٥) , وقال سبحانه:" وَالَّذِي أَوْحَيْنَا