للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أيها الاخوة , التمييز بين النعمة والنقمة والفتنة , وبين المنة والحجة , وبين العطية والبلية , وبين المحنة والمنحة أمر مهم للسائر فى الطريق إلى الله.

ففى طريق الوصول إلى الله لابد أن تكون صاحب تمييز بين النعمة والفتنة .. فقد يصيب رجلين شىء واحد , ويكون بالنسبة لأحدهما نعمة وللآخر فتنة .. قد يكون الشىء الواحد لرجل بلية وللآخر عطية.

يقول ربك " أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق " (البقرة: ١٩) صيب " ماء" يحيي الله به الارض , ولكن فى نفس الوقت فيه ظلمات ورعد وبرق. " يجعلون أصابعهم فى آذانهم من الصواعق حذر الموت " (البقرة: ١٩).

يقول العلماء: هذا هو المثل المائى الذى ضربه الله سبحانه وتعالى للقرآن , أنه صيب وهو للمؤمنين , قال - تعالى - " وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا " (الإسراء: ٨٢).

فى قصة كعب بن مالك لما جاءه كتاب من ملك غسان يقول له: " بلغنا أنّ صاحبك قد قلاك , ولم يجعلك الله بدار مهانة , فالحق بنا نواسك , لم يقل - أى كعب -: جاء الغيث .. ولكنه التمييز .. قال: " وهذا من البلاء , فتيممت التنور فسجرته ".

نعم: فقد يرزق العبد مالا ويظن أنه نعمة ويكون هذا المال بالنسبة له فتنة .. قد يرزق عملا وهذا العمل من وجهة نظر الناس جميعا كرم , وهو فى حقه بلاء .. قد يحفظ القرآن ويكون عليه حجة .. نعم: القرآن حجة لك أو عليك.

قال العلماء: " إذا رأيت أن الله يعطى العبد على معاصيه , فاعلم أنه

<<  <   >  >>