للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومع هذه الدواعى كلها فقد آثر مرضاة الله وخوفه , وحمله حبه لله على أن يختار السجن على الزنا , فقال:

" رب السجن أحب إلىّ مما يدعوننى إليه " (يوسف: ٣٣) , وعلم أنه لا يطيق صرف ذلك عن نفسه , وأن ربه - تعالى - إن لم يعصمه ويصرف عنه كيدهن صبا إليهن بطبعه , وكان من الجاهلين , وهذا من كمال معرفته بربه وبنفسه.

ثم إن الاعتصام لن يكون إلا إذا كان هناك عمل ودعاء .. فمثلا: الاخ الذى أقول له تب , فيقول: ادع لى يا " عم الشيخ " , أقول له: يا بنى , " تب " هذه تحتاج إلى عمل وشغل , وأن تدعو أنت لنفسك أولا , ثم ادعو أنا لك بعد ذلك .. يوسف عليه السلام كان محسنا .. محسنا فى الاعتقاد ومحسنا فى السلوك , وفوق ذلك دعا بالعصمة , فكانت النجاة .. نجا لأنه فى الاصل أحسن العمل.

نعم: كان يوسف محسنا مع ربه وأيضا مع الناس , وقد سمى الله قصته " أحسن القصص " (يوسف: ٣)

ووصفه السجناء بالاحسان فقالوا: " نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين " (يوسف: ٣٦) ..

وبالاحسان مكنه الله - تعالى - فى الارض , " وكذلك مكنا ليوسف فى الارض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين " (يوسف: ٥٦) .. وقال له إخوته وهم لا يعرفونه: " فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين " (يوسف: ٧٨) .. ثم أثنى على ربه بإحسانه إليه: " وقد أحسن بى إذ أخرجنى من السجن " (يوسف: ١٠٠).

<<  <   >  >>