وقام سعيد بن جبير ليلة يردد هذه الآية:" وامتازوا اليوم أيها المجرمون "(يس: ٥٩). أى تميزوا وانفردوا عن المؤمنين.
ومحمد بن المنكدر يسأله أبو حازم عن البكاء طيلة ليله , فيقول: آية من كتاب الله أبكتنى , " وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون "(الزمر: ٤٧).
وقال بعضهم: إنى لأفتتح السورة فيوقفنى بعض ما أشهد فيها عن الفراغ منها حتى يطلع الفجر. وكان بعضهم يقول: آية لا أتفهمها , ولا يكون قلبى فيها لا أعد لها ثوابا.
ويقول أبو سليمان الدارانى: إنى لأتلو الآية فأقيم فيها أربع ليال أو خمس ليال , ولولا أنى أقطع الفكر فيها ما جاوزتها الى غيرها. قال - تعالى -: " إن فى ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد "(ق: ٣٧).
يقول ابن القيم - رحمه الله تعالى - فى " الفوائد " تحت عنوان " قاعدة جليلة: شروط الانتفاع بالقرآن ": " إذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عن تلاوته وسماعه , وألق سمعك , واحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به - سبحانه - منه اليه , فإنه خطاب منه لك على لسان رسوله , قال - تعالى -: " إن فى ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد " (ق: ٣٧)
وذلك أن تمام التأثير لما كان موقوفا على مؤثر مقتض , ومحل قابل , وشرط لحصول الاثر وانتفاء المانع الذى يمنع منه , تضمنت الآية ذلك كله بأوجز لفظ وأبينه وأدله على المراد. فقوله: " إن فى ذلك لذكرى "