للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكتب إلى معاوية يقول: يا ابن آكلة الأكباد , امنع عمالك عنى , والا كان لى ولك شأن .. والسلام.

فلما وقف معاوية على الكتاب دفعه لولده يزيد وقال له: ما ترى؟ , قال: أرى أن تبعث إليه جيشا يكون أوله عنده وآخره عندك يأتونك برأسه. فقال له معاوية: غير هذا خير. ثم قلب الكتاب وكتب على ظهره: أما بعد: فقد وقفت على كتابك يا ابن حوارى رسول الله صلى الله عليه وسلم , ويا ابن ذات النطاقين , وساءنى ما ساءك .. ووالله لو كانت الدنيا بأسرها بينى وبينك لأتيتك بها .. وقد نزلت عن أرضى لك , فأضفها إلى أرضك بما فيها من العبيد والاموال .. والسلام.

فلما قرأها ابن الزبير رضى الله عنه بكى .. وكتب إليه: قد وقفت على كتاب أمير المؤمنين - أطال الله بقاءه , ولا أعدمه الرأى الذى أحله من قريش هذا المحل .. والسلام.

فلما وقف معاوية عليه تهلل وجهه وأسفر , وقال لابنه: يا بنى , من عفا ساد , ومن حلم عظم , ومن تجاوز استمال إليه القلوب .. فإذا ابتليت بشىء من هذه الامور فداوه بمثل هذا الدواء.

نعم - إخوتاه -: وصل هؤلاء إلى الله - تعالى - بترويض أنفسهم على طاعته ولزوم أوامره واجتناب نواهيه وهذا أيضا من الحلم فى شرع الله .. قال - جل جلاله -: " فاصفح الصفح الجميل " (الحجر: ٨٥) , وقال - جل جلاله -: " وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم " (النور: ٢٢) , والعفو: ترك المؤاخذة على الذنب , والصفح: ترك التأنيب

<<  <   >  >>