قال رحمه الله:"قال أبو علي الأصفهاني، فيما حدثنا به أبو الفضل محمد بن العميد، عن أبي بكر الخياط، عنه، قال: قال الضبي: بخعت الذبيحة: إذا قطعت عظم رقبتها، فهي مبخوعة، ونخعتها: دون ذلك؛ لأن النخاع: الخيط الأبيض الذي يجرى في الرقبة وفقار الظهر. والبخاع، بالباء: العرق الذي في الصلب"(١) .
فأنت ترى أن الزمخشري مسبوق فيما ذهب إليه، بهذا الذي حكاه ابن فارس، بإسناده إلى الضبى. وقد خفى هذا على ابن الأثير، ومن جاء بعده: ابن منظور، والفيروزابادي، والمرتضى الزبيدي، وشيخه محمد بن الطيب الفاسى، وإن كان هذا قد أحال على الثقة بالزمخشري وسعة اطلاعه.
وواضح أن هناك فرقاً بين أن تفزع إلى المعاجم؛ لتصيب معنى لغوياً لما يعرض لك من ألفاظ، وبين أن تكون بإزاء قضية لغوية، تريد أن تنتهي فيها إلى رأي حاسم قاطع. هنا لا يغنيك النظر في هذين الكتابين - اللسان والتاج، مع سعتهما وإحاطتهما - عن الرجوع إلى غيرهما، من صغر الكتب وأوسطها، وهنا أيضاً لا يفيدك قول أبي الطيب: ومن ورد البحر استقل السواقيا.