في النصف الثاني من القرن الأول الهجري بدأ بعض التابعين في تدوين أخبار السيرة النبوية، ومغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويجمع مؤرخو السير على أن أول من كتب في ذلك، هو أبو عبد الله عروة بن الزبير بن العوام الأسدي القرشي، المتوفى سنة ٩٣هـ. وقد عاصره وتلاه نفر من التابعين، الذين عرفوا بالعناية بالسيرة، وجمع أخبارها، منهم أبان بن عثمان بن عفان المتوفى سنة ١٠٥هـ، ووهب بن منبه المتوفى سنة ١١٠هـ، وعاصم بن عمر بن قتادة المتوفى سنة ١٢٠هـ، ومحمد بن مسلم بن عبد الله بن شهاب الزهري المتوفى سنة ١٢٤هـ، وعبد الله بن أبي بكر ابن محمد بن حزم المتوفى سنة ١٣٥هـ.
ولم يبق من كتابات هؤلاء الرواد الأوائل إلا ما تناثر من روايات في تصانيف ابن إسحاق، والواقدي، وابن سعد، والطبري. ويقال: إنه توجد قطعة من كتاب وهب بن منبه، في مدينة هيدلبرج بألمانيا، في مجموعة سكوت رينهارت. وهي قطعة صغيرة كتبت على ورق البردي، وفيها ذكر بيعة العقبة.
ثم جاءت بعد ذلك طبقة من كتاب السير، منهم موسى بن عقبة المتوفى سنة ١٤١هـ، ومحمد بن إسحاق المتوفى سنة ١٥١هـ، ومعمر بن راشد المتوفى سنة ١٥٤هـ، وأبو معشر نجيح بن عبد الرحمن المدني المتوفى سنة ١٧٠هـ. وهؤلاء جميعاً من تلامذة ابن شهاب الزهري.
أما موسى بن عقبة، فقد ألف في المغازي تأليفاً أثنى عليه