الحديد، المتوفى سنة ٦٥٦هـ ونهاية الأرب (١) ، للنويري، المتوفى سنة ٧٣٣هـ، وصبح الأعشى، للقلقشندي، المتوفى سنة ٨٢١هـ، من غرائب العلوم والفنون، مالا يأتي عليه حصر.
* * *
وبعد:
فإن من الظاهر الجدير بالتأمل، في هذه الأيام، تلك العناية البالغة بالتراث: نشراً لما لم ينشر، وتصويراً لما نشر، ويقبل القراء على شراء كتب التراث إقبالاًَ زائداً، ولم يستطع الكتاب الحديث - برغم ما أحيط به من مظاهر الإعلان والإعلام - أن يزاحم الكتاب التراثي، بالرغم أيضاً مما يتعرض له من تجريح وتوهين.
ولكن هذه العناية بنشر التراث، والإقبال على شرائه، لم يواكبها قراءة له، وانتفاع به، فكثرت الكتب وقلت القراءة.
ومهما يكن من أمر، فإن هذه الظاهرة دالة بوضوح، على أن للتراث بريقاً أخاذا. ولم يبق إلا أن نعمق في أبنائنا الإحساس النبيل به وأن نأخذ بأيديهم إلى آفاقه الرحبة، وآماده المتطاولة.
(١) يقول عنه الزركلي: "هو أشبه بدائرة معارف لم وصل إليه العلم عند العرب، في عصره"، ونقل عن فازيليف في كتابه العرب والروم: "إن نهاية الأرب على الرغم من تأخر عصره يحوى أخبارا خطيرة عن صقلية، نقلها من مؤرخين قدماء، لم تصل إلينا كتبهم، مثل ابن الرقيق، وابن رشيق، وابن شداد وغيرهم ". الأعلام ١/١٦٥.