للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- وقال بعضهم: يشترط في الشاهد ولا يشترط في الراوي،

لأن العدد ليس بشرط في قبول الخبر، فلم يكن شرطا في الراوي،

بخلاف الشهادة، فإن العدد يشترط في قبول الشهادة والحكم بها، فكان

شرطا في الشهادة (١) .


(ا) هذا القول الثالث في المسألة واضح تماما، وأما الأول والثاني ففيهما
إيجاز اقتضى الغموض قليلا، فأسوق هنا عبارة الحافظ العراقي في "شرح الألفية"
ا: ٢٩٥، لوضوحها في عرض الأقوال في هذه المسالة، ولبيانها الراجح منها،
وهو الثالث، قال رحمه الله تعالى:
"اختلفوا هل تثبت العدالة والجرح بالنسبة إلى الرواية، بتعديل عدل واحد
أو جرحه، أولا يثبت ذلك إلا باثنين كما في الجرح والتعديل في الشهادة؟ على
قولين، وإذا جمعت الرواية مع الشهادة صار في المسألة ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه لا يقبل في التزكية إلا رجلان، سواء التزكية للشهادة والرواية،
وهو الذي حكاه أبو بكر الباقلاني عن أكثر الفقهاء من أهل المدينة وغيرهم.
والثاني: الاكتفاء بواحد في الشهادة والرواية معا، وهو اختيار القاضي
أبي بكر المذكور، لأن التزكية بمثابة الخبر، قال القاضي: والذي يوجبه القياس
وجوب قبول تزكية كل عدل مرضى، ذكر أو أنثى، حر أو عبد، لشاهد ومخبر.
والثالث: التفرقة بين الشهادة والرواية، فيشترط اثنان في الشهادة، ويكتفى
بواحد في الرواية، ورجحه الإمام فخر الدين - الرازي - والسيف الامدي ونقله عن
الأكثرين، وكذلك نقله أبو عمرو بن الحاجب عن الأكثرين، وهو مخالف لما نقله
القاضي عنهم.
قال ابن الصلاح: والصحيح الذي اختاره الخطيب وغيره: أنه يثبت
- الجرح والتعديل - في الرواية بواحد، لأن العدد لم يشترط في قبول الخبر،
فلم يشترط في جرح راويه وتعديله، بخلاف الشهادات ".

<<  <   >  >>