لم يكن شيء من ذلك، أو أنه يجب أن يكون فاعل الجميع لم يزل معطلاً، ثم حدثت الحوادث بلا سبب أصلاً، وانتقل الفعل من الامتناع إلى الإمكان بلا سبب، وصار قادراً بعد أن لم يكن بلا سبب، وكان الشيء بعد ما لم يكن في غير زمان، وأمثال ذلك مما يخالف صريح العقل.
وهم يظنون مع ذلك أن هذا قول أهل الملل من المسلمين واليهود والنصارى، وليس هذا القول منقولاً عن موسى؛ ولا عيسى؛ ولا محمد صلوات الله عليهم وسلامه؛ ولا عن أحد من أصحابهم، إنما هو مما أحدثه بعض أهل البدع وانتشر عند الجهال بحقيقة أقوال الرسل وأصحابهم، فظنوا أن هذا قول الرسل - صلى الله عليه وسلم - الله عليهم وسلم، وصار نسبة هذا القول إلى الرسل وأتباعهم يوجب القدح فيهم: إما بعدم المعرفة بالحق في هذه المطالب العالية، وإما بعدم بيان الحق. وكل منهما يوجب عند هؤلاء أن يعزلوا الكتاب والسنة وآثار السلف عن الاهتداء وإنما ضلوا لعدم علمهم بما كان عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضي الله عنهم والتابعون لهم بإحسان. فإن الله تعالى أرسل رسوله - صلى الله عليه وسلم - بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وكفى بالله شهيداً.
ثالثاً: المعقول من وجوه:
١- برهان التطبيق والموازنة والمسامتة:
وهو أشهر الأدلة وأجلاها، بل هو عمدتها، عند المتكلمين، وحاصله، أننا لو فرضنا، سلسلتين غير متناهيتين، احداهما تزيد عن الأخرى، بأن نفرض أن الأولى تبدأ من أكتوبر سنة ١٩٨٥، إلى غير بداية في الماضي، وأن الثانية تبدأ من أكتوبر سنة ١٩٨٤، إلى غير بداية في الماضي، أيضاً، ثم تطابق بين هاتين