للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ونحن نقول له هذا قياس باطل فإن الكلام ليس فيما لا نهاية له من الحوادث في جانب المستقبل كما يقول به كثير من المتكلمين في نعيم أهل الجنة ونحو ذلك حتى يعترض ببقاء الورد مع فناء كل فرد من أفراده وإنما كلامنا فيما لا بداية له من الحوادث في جانب الماضي بمعنى أنه ما من حادث إلا وهو مسبوق بحادث لا إلى أول بحيث يكون جنس هذه الحوادث قديماً، وكل فرد منها حادثاً هل هو معقول أو لا الحق أنه يحتاج في تصوره إلى جهد كبيرا٠هـ.

وأجاب شيخ الإسلام عن هذه الشبهة في منهاج السنة (١/٤٢٦) بقوله (١) :

لا يلزم من حدوث كل فرد فرد مع كون الحوادث متعاقبة [حدوث النوع] ، فلا يلزم من ذلك أنه لم يزل الفاعل المتكلم معطلاً عن الفعل والكلام، ثم حدث ذلك بلا سبب، كما لم يلزم [مثل] ذلك في المستقبل، فإن كل فرد فرد من المستقبلات المنقضية فان، وليس النوع فانياً كما قال تعالى: {أكلها دائم وظلها} [سورة الرعد: ٣٥] وقال {إن هذا لرزقنا ما له من نفاد} [سورة ص: ٥٤] فالدائم الذي لا ينفد - أي لا ينقضي - هو النوع، وإلا فكل فرد من أفراده نافد منقض ليس بدائم.

وذلك أن الحكم الذي توصف به الأفراد إذا كان لمعنى موجود في الجملة [وصفت به الجملة، مثل وصف كل فرد بوجود أو إمكان أو بعدم، فإنه يستلزم وصف الجملة] بالوجود والإمكان والعدم، لأن طبيعة الجميع هي طبيعة كل واحد واحد، وليس المجموع إلا الآحاد الممكنة أو الموجودة أو المعدومة.


(١) ... وانظر درء التعارض (٩/١٣٧-١٥٨)

<<  <   >  >>