يجب أن يكون مساوياً لحكم الجزء في جميع المواضع، أو يقولوا: إن هذه المساواة قد تحصل في بعض الصور. فإن قالوا: بالوجه الأول كان المثال الذي ذكروه لا يفيد. لأن ثبوت الحكم في بعض الصور، لا يدل على حقيقة القضية. وإن قالوا: بالوجه الثاني، فذاك حق. لكن لم قالوا: إن الحال في هذه المسألة، يجب أن يكون على هذا الوجه؟
واعلم أن ذكر الصور الجزئية لا يدل على حقيقة المقدمة الكلية [أما ورود الحكم على بعض الصور على نقيض المدعي، يدل على أن تلك المقدمة الكلية] باطلة. ثم نقول: الفرق بين قولنا: لما كان كل واحد من الزنج أسود، وجب أن يكون الكل أسود. وبين قولنا: لما كان كل واحد من الحوادث له أول، وجب أن يكون للكل أول: وهو أن علمنا بأن كل واحد من الزنج أسود، يوجب العلم الضروري؛ بأن الكل أسود. أما علمنا بأن كل واحد من الحوادث له أول، فإنه لا يفيد العلم الضروري: بأنه يجب أن يكون للكل أول
(٥) من أدلة المتكلمين أيضاً أنه لو تسلسلت العلل إلى غير النهاية لزم زيادة عدد المعلولات على عدد العلل لكن التالي باطل فما أدى إليه وهو التسلسل باطل.
أما وجه لزوم التالي للمقدم فهو أننا لو فرضنا سلسلة من المعلول الأخير إلى غير النهاية لكانت جميع الأفراد قد تحققت فيها للعلية والمعلولية إلا المعلول الأخير فإنه يكون معلولاً ولا يكون علة وبذلك يزيد عدد المعلومات على عدد العلل.
وهذا نشأ من التسلسل ولو كانت العلل متناهية لا يلزم ذلك لأن كل فرد يكون علة ومعلولاً ما عدا الأول فإنه يكون علة وما عدا الأخير فإنه معلول