للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فقوله هنا: (أو انه معه في الازل شيئاً قديماً غيره) نفي لقدم العالم بالنوع وتكفير لقائل ذلك ومعتقده وناشره (١) ، وكذا لقدم الإفراد عند كل مبصر لبيب لم يغشى على عقله، وقد صرح جماعات من العلماء بلفظ (نوع) كما سيمر ان شاء الله تعالى، وكذا بلفظة (حوادث لا أول لها) وأن ذلك كله كفر بواح (٢) صراح، وقال القاضي عياض أيضاً في نفس المرجع السابق:

(وكذلك نقطع على كفر من قال بقدم العالم أو بقائه أو شك في ذلك على مذهب بعض الفلاسفة والدهرية) (٣) الشفا ٢/٦٠٦.

فاتضح ان قدم العالم نوعا أو فرداً شيء واحد من حيث أن مؤدى كل منهما إلى الكفر، وان الكل يطلق عليه قدم العالم (٤) ، وأينما أطلق لفظ قدم العالم في كلام العلماء فالمراد به ما يشمل النوع والفرد، إلا عند كل عنيد معثار، ومعنى قدم العالم بالنوع هو (٥) : أن هذا العالم كان قبله عالم آخر وقبل ذلك آخر وهكذا إلى غير بداية أي إلى عدد غير متناه وغير محدود، وإني أعجب ممن


(١) واضح أن السقاف لم يفهم المراد من القدم النوعي وأن المراد به دوام فاعلية الرب، والتبس عليه معنى الأزل والفرق بين النوع والآحاد.
(٢) هل الاعتقاد بأن الرب لم يأت يوم وهو معطل عن الخلق كفر به أم ان الضلال في اعتقاد تعطيله؟ !
(٣) وهذا ما يقول به شيخ الإسلام.
(٤) هناك فرق بين القدم النوعي بمعنى أن الله لم يزل يخلق شيئاً بعد شيء وبين ان يكون شيء من العالم قديماً مع الله فهو كفر بلا شك.
(٥) هذا تفسير غير دقيق وبقراءة ما سبق يتضح خطؤه لأن ابن تيمية يصرح بكونها مسبوقة من عدم.

<<  <   >  >>