ولكننا نتعجل فنقول إن ابن تيمية قد بني على هذه القاعدة (قدم الجنس وحدوث الأفراد) كثيراً من العقائد وجعلها مفتاحاً لحل مشاكل كثيرة في علم الكلام وهي قاعدة لا يطمئن إليها العقل كثيراً فإن الجملة ليست شيئاً أكثر من الأفراد مجتمعة فإذا فرض أن كل فرد منها حادث لزم من ذلك حدوث الجملة قطعاً.
وقد رأيت سعد الدين التفتازاني في رده على الفلاسفة القائلين بقدم الحركة بالنوع مع حدوث أشخاصها يقول بأن ماهية الحركة لو كانت قديمة أي موجودة في الأزل لزم أن يكون شيء من جزئياتها أزلياً، إذ لا تحقق للكلي إلا في ضمن جزئياته. ويذكر أيضاً عند بيان امتناع تعاقب الحوادث لا إلى بداية أنه لما كان كل حادث مسبوقاً بالعدم كان الكل كذلك فإذا كان كل زنجي أسود كان الكل أسود ضرورة.
وقد تعقبه الجلال الدواني في شرحه للعقائد العضدية وعد ذلك سخافة منه وبين أن مراد الفلاسفة بقدم الحركة هو قدم نوعها بمعنى أن لا يزال فرد من أفراد ذلك النوع موجوداً بحيث لا ينقطع بالكلية ثم قال ومن البين أن حدوث كل فرد لا ينافي ذلك أصلاً وضرب لذلك مثلاً بالورد الذي لا يبقى منه فرد أكثر من يوم أو يومين مع أن الورد باق أكثر من شهر أو شهرين.
ونحن نقول له هذا قياس باطل فإن الكلام ليس فيما لا نهاية له من الحوادث في جانب المستقبل كما يقول به كثير من المتكلمين في نعيم أهل الجنة ونحو ذلك