وهؤلاء يلبسون على المسلمين تلبيساً كثيراً، كاطلاقهم أن " الفلك " محدث؛ أي معلول مع انه قديم عندهم، والمحدث لا يكون إلا مسبوقاً بالعدم، ليس في لغة العرب ولا في لغة أحد أنه يسمى القديم الأزلي محدثاً، والله قد أخبر أنه خالق كل شيء؛ وكل مخلوق فهو محدث، وكل محدث كائن بعد ان لم يكن؛ لكن ناظرهم أهل الكلام من الجهمية والمعتزلة مناظرة قاصرة لم يعرفوا بها ما أخبرت به الرسل، ولا احكموا فيها قضايا العقول.
فلا للإسلام نصروا ولا للأعداء كسروا، وشاركوا أولئك في بعض قضاياهم الفاسدة، ونازعوهم في بعض المعقولات الصحيحة، فصار قصور هؤلاء في العلوم السمعية والعقلية من أسباب قوة ضلال أولئك، كما قد بسط في غير هذا الموضع.
ويقول في المجلد الثاني عشر ص ٤٢
واصل قول هؤلاء أن الأفلاك قديمة أزلية، وأن الله لم يخلقها بمشيئته وقدرته في ستة أيام كما أخبرت به الأنبياء.
ويقولون أنه علة تامة في الأزل؛ فيجب أن يقارنها معلولها في الأزل في الزمن وإن كان متقدماً عليها بالعلة لا بالزمان ويقولون إن العلة التامة ومعلولها يقترنان في الزمان ويتلازمان، فلا يوجد معلول إلا بعلة تامة، ولا تكون علة تامة إلا مع معلولها في الزمان، ثم يعترفون بأن حوادث العالم حدثت شيئاً بعد شيء من غير أن يتجدد من المبدع الأول ما يوجب أن يصير علة للحوادث المتعاقبة؛ بل حقيقة قولهم أن الحوادث حدثت بلا محدث، وكذلك عدمت