للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

عالماً بغيره؛ إذ لم يكن الأول عندهم مبدعاً للفلك؛ فإنه إذا كان مبدعاً يجب أن يكون عالماً بمفعوله، كما قال: {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير؟}

ولهذا كانت أقوالهم في الإلهيات من أعظم الأقوال فساداً، بخلاف أقوالهم في الطبيعيات؛ ولهذا كان قولهم أشد فساداً في العقل والدين.

وقال في المجلد السادس عشر ص٩٤:

(الثاني) : أنه قد سلم (١) أنه لم يزل قادراً على أن يخلق الخلق؛ وهذا يقتضي إمكان وجود المقدور في الأزل فإنه إذا كان المقدور ممتنعاً لم تكن هناك قدرة فكيف يجعله لم يزل قادراً مع امتناع أن يكون المقدور لم يزل ممكناً؟ بل المقدور عنده كان ممتنعاً ثم صار ممكناً بلا سبب حادث اقتضى ذلك.

(الثالث) أن قوله: " لأن معنى الخلق أنه لم يكن ثم كان، فكيف يكون ما لم يكن ثم كان لم يزل موجوداً؟ " فيقال: بل كل مخلوق فهو محدث مسبوق بعدم نفسه، وما ثم قديم أزلي إلا الله وحده. وإذا قيل: " لم يزل خالقاً " فإنما يقتضي قدم نوع الخلق، و " دوام خالقيته " لا يقتضي قدم شىء من المخلوقات فيجب الفرق بين أعيان المخلوقات الحادثة بعد أن لم تكن، فإن هذه لا يقول عاقل إن منها شيئاً أزلياً ومن قال بقدم شيء من العالم - كالفلك أو مادته - فإنه يجعله مخلوقاً بمعنى أنه كان بعد أن لم يكن؛ ولكن إذ أوجده القديم.

ولكن لم يزل فعالاً خالقاً، [ودوام خالقيته] من لوازم وجوده، فهذا ليس


(١) هذا جواب ابن تيمية على الخصوم الذين يقولون انه قادر والمقدور ممتنع.
قولا بقدم شيء من المخلوقات، بل هذا متضمن لحدوث كل ما سواه وهذا مقتضى سؤال السائل له.

<<  <   >  >>