تنسخه شيخوخة ولا فناء وهم كذلك لا ينامون، فإن النوم والموت فيما بيننا أخوان.
روى ابن مردوية من حديث سفيان الثوري عن محمد بن المنكدر عن جابر قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[النوم أخو الموت وأهل الجنة لا ينامون]
وهذا الذي ذكرناه من دوام حياة أهل الجنة ونعيمهم وسرورهم وشبابهم وانتفاء الموت والنوم والأسقام والأحزان والتعب والنصب عنهم هو ما علم بالاضطرار من كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -.
ولكن جهما قبحه الله قضى بفناء الجنة وأهلها محتجاً بأن كل ما له ابتداء لابد أن يكون له انتهاء , وبأن تسلسل في الحوادث كما هو ممتنع في الماضي، فكذلك في المستقبل فلابد أن يأتي وقت لا يكون فيه إلا الله وحده تفنى الجنة والنار وأهلهما.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (وهذا قاله جهم لأصله الذي اعتقده وهو امتناع وجود ما لا يتناهي من الحوادث، وهو عمدة أهل الكلام التي استدلوا بها على حدوث الأجسام وحدوث ما لم يخل من الحوادث. وجعلوا ذلك عمدتهم في حدوث العالم فرأى الجهم أن ما يمنع من حوادث لا أول لها في الماضي يمنع في المستقبل، فدوام الفعل عنده ممتنع على الرب تبارك وتعالى في المستقبل كما هو ممتنع عليه في الماضي. وأبو الهذيل العلاف شيخ المعتزلة وافقه على هذا الأصل، لكن قال إن هذا يقتضي فناء الحركات لكونها متعاقبة شيئاً بعد شيء. فقال بفناء حركات أهل الجنة والنار حتى يصيروا في سكون دائم لا يقدر أحد منهم على حركة)