وهذا الإحداث للمخلوقات من أفعال الله الاختيارية التي معرفتها والعلم بها من أعظم الأصول؛ كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.
ومن الأمور المتفق عليها عند جميع طوائف الأمة: أن السموات والأرض، محدثتان مخلوقتان، وجدتا بعد أن لم تكونا.
ومما اتفقوا عليه أيضاً: أن الله تعالى هو الذي خلق السموات والأرض، وأن هذه المخلوقات وجدت منفصلة عن الله تعالى.
وإنما اختلفوا في قيام صفة الخلق بالله جل وعلا لما خلق السموات والأرض: هل قامت به، أم لا؟ .
وقد تقدم معنا: أن دليل الأعراض وحدوث الأجسام وضع أصلاً لإثبات حدوث العالم.
وحدوث العالم ووجوده بعد أن لم يكن لابد له من محدث خالق قامت به صفة الخلق عند إيجاده وهذا من بدهيات العقول.
ووفق تعبير أهل الكلام: تكون قد قامت بالله تعالى عند خلقه للعالم: الحوادث التي لم تكن موجودة من قبل.
ومن أصولهم المتفرعة عن دليل الأعراض: ما قامت به الحوادث، أو ما لم يخل عن الحوادث: فهو حادث.
وثمة سؤال مربك يمكن للقائلين بقدم العالم أن يعترضوا به على هؤلاء أصحاب دليل الأعراض القائلين بحدوثه، سيما إذا علموا نفيهم لقيام أفعال الله الاختيارية بذاته جل وعلا، استناداً إلى قولهم: ما لم يخل عن الحوادث فهو حادث.