للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

شيئاً بعد شيء أمر ممكن في الوجود، كما هو موجود للمخلوقات، فثبت أنه كمال ممكن ولا نقص فيه، لاسيما وهم يسلمون أن الجود صفة كمال، فواجب لا يفعل ولا يجود ولا يحدث شيئاً أنقص ممن يفعل ويجود ويحدث شيئاً بعد شيء، وإذا كان كمالاً لا نقص فيه وهو ممكن الوجود، لزم أن يكون ثابتاً لواجب الوجود وأن يكون ثابتاً للقديم، وان يكون ثابتاً للغنى عما سواه، وأن يكون ثابتاً للقيوم.

وإذا كان كذلك فمن كانت هذه صفته امتنع وجود المفعول معه، لأنه لو

وجد معه للزم سلب الكمال، وهو الإحداث شيئاً بعد شيء، والفعل الدائم للمفعولات شيئاً بعد شيء، وإذا كان نفس الكمال الذي يستحقه لذاته يوجب أن يفعل شيئاً بعد شيء، ويمتنع أن يقارنه شيء من المفعولات فيكون لازماً له ثبت حدوث كل ما سواه وهو المطلوب ا ٠هـ.

وقال في (٢/٢٣) :

ولهذا كان المانعون من هذا إنما منعوا منه لاعتقادهم امتناع الفعل في الأزل، إما لامتناع حوادث لا أول لها عندهم، أو لأن الفعل ينافي الأزلية، أو لغير ذلك. وعلى كل تقدير فإنه يمتنع قدم شيء بعينه من العالم. وكذلك إذا قدر أن الفعل دائم، فإنه دائم باختياره وقدرته، فلا يكون الفعل الثاني إلا بعد الأول، وليس هو موجباً بذاته في الأزل لشيء من الأفعال، ولا من الأفعال ما هو قديم أزلي.

والأفعال نوعان: لازمة ومتعدية فالفعل اللازم لا يقتضي مفعولاً، والفعل المتعدي يقتضي مفعولاً، فإن لم يكن الدائم إلا الأفعال اللازمة، وأما المتعدية فكانت بعد أن لم تكن، لم يلزم وجوب ثبوت شيء من المفعولات في الأزل.

<<  <   >  >>