وعلى هذا لم يخرج شيخ الإسلام عن معنى القدم الاصطلاحي في نوع الفعل ونوع المفعول لأن النوع إذا كان مستمراً فالنوع لم يسبق بعدم كما سبق أن وضحنا.
وهنا أمر مهم ينبغي أن يضاف وهو ان الأزل ليس شيئاً محدوداً فقال في (٢/٤٦) : وليس في الأزل شيئاً محدوداً كان فيه فاعلاً للجميع ا٠هـ
وقال في (١/٢٨٣) : وليس الأزل وقتاً محدوداً بل هو عبارة عن الدوام الماضي الذي لا ابتداء له الذي لم يسبق بعدم الذي ما زال ا٠هـ.
وبقي أن نذكر أن ما قاله شيخ الإسلام في القدم النوعي للعالم قد قاله كثيرون غيره، كالفخر الرازي والسراج الأرموي وقبلهما ابو الثناء الأبهري - شيخ الأصفهاني - والدواني وبخيت المطيعي ومحمد عبده ومحمد الأمين الشنقيطي وكثير من المتكلمين - من قبل ومن بعد.
قال الشنقيطي في كتابه رحلة الحج إلى بيت الله الحرام ص٥١:
وهذا الكلام كله في استحالة تسلسل تأثير بعض أفراد الهيولي في بعض اما بالنظر إلى وجود حوادث لا أول لها يايجاد الله، فذلك لا محال فيه ولا يلزمه محذور لأنها موجودة بقدرة وإرادة من لا أول له جل وعلا. وهو في كل لحظة من وجوده يحدث ما يشاء كيف يشاء فالحكم عليه بأن احداثه للحوادث له مبدأ يوهم أنه كان قبل ذلك المبدأ عاجزاً عن الايجاد سبحانه وتعالى عن ذلك. وإيضاح المقام انك لو فرضت تحليل زمن وجود الله في الماضي إلى الأزل إلى أفراد زمانية أقل من لحظات العين أن تفرض ان ابتداء ايجاد الحوادث مقترن بلحظة من تلك اللحظات فإنك ان قلت هو مقترن باللحظة الأولى قلنا ليس