للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أما النوع أو الجنس فقديم، وأما أعيان الحوادث أو أشخاصها فحادثة ومعنى قدم النوع أو الجنس أن الله لم يزل فاعلاً له إذا شاء فما من حادث إلا وقبله حادث لا ينتهي ذلك إلى حادث يعتبر هو أول الحوادث بمعنى أنه لا حادث قبله ومعنى حدوث العين أو الشخص أنه ما من حادث من هذه الحوادث المتسلسلة شيئاً بعد شيء لا إلى نهاية إلا وهو محدث كائن بعد أن لم يكن وذلك كما تقوله الفلاسفة في حركات الأفلاك من أن ماهيتها قديمة وإن كانت أشخاصها حادثة.

ويرى ابن تيمية إن الذي أوقع الفلاسفة والمتكلمين في الغلط في هذه المسألة حتى التزموا من المحالات هو عدم اهتدائهم إلى هذا الفرق بين أنواع الحوادث وأشخاصها ا٠هـ

ويقول شيخ الإسلام في درء التعارض (٨/٢٧٩) :

والمقصود هنا أن هؤلاء المتكلمين الذين جمعوا في كلامهم بين حق وباطل. وقابلوا الباطل بباطل، وردوا البدعة ببدعة، لما ناظروا الفلاسفة وناظروهم، في مسألة حدوث العالم ونحوها، استطال عليهم الفلاسفة لما رأوهم قد سلكوا تلك الطريق، التي هي فاسدة عند أئمة الشرع والعقل، وقد اعترف حذاق النظار بفسادها، فظن هؤلاء الفلاسفة الملاحدة أنهم إذا أبطلوا قول هؤلاء بامتناع حوادث لا أول لها، وأقاموا الدليل على دوام الفعل، لزم من ذلك قدم هذا العالم، ومخالفة نصوص الأنبياء.

وهذا جهل عظيم، فإنه ليس للفلاسفة ولا لغيرهم دليل واحد عقلي صحيح يخالف شيئاً من نصوص الأنبياء وهذه مسألة حدوث العالم وقدمه، لا يقدر أحد من بني آدم يقيم دليلاً على قدم الأفلاك أصلاً، وجميع ما ذكروه ليس فيه

<<  <   >  >>