وتسلسل الحوادث يراد بها تسلسل أفعال الرب التي نفاها أهل الكلام بحجة أن لا تحل في الذات الإلهية، وأما أهل السنة فيقولون بإثبات هذه الأفعال ويقولون إن نوع الحوادث قديم أي أن صفة الفعل وهو نوع أو جنس الصفات الفعلية قديم، أما أفرادها أو آحادها فهي حادثة وهذا الذي بمعنى التجدد، وهذا التسلسل للحوادث واجب التسلسل كما سيأتي.
أما الحوادث التي بمعنى المخلوقات وهو تسلسل الأعيان التي هي المفعولات وهي قديمة النوع أيضاً لأنه نتيجة القول بدوام فاعلية الرب أما أفرادها فلا شك أنها مسبوقة بالعدم، وجائز أن يقال ما من زمن يفترض فيه خلق العالم إلا وجائز أن يقع قبله ذلك لأن الله أزلي وهو من التسلسل الجائز لا الواجب كما سيأتي.
وإذا قلنا: تسلسل الحوادث فالسياق يدلنا على المعنى هل هو الأول أم الثاني، ومن يقرأ كلام المتكلمين يعلم مرادهم من السياق هل الحوادث هي الصفات الفعلية كقولهم: لا تحل الحوادث في الذات الإلهية وهم يريدون نفي الصفات الفعلية، ومنه قول الكوثري كما سبق أنه أخذ على ابن القيم قيام الحوادث بذات الله أم ان المراد المخلوقات كقول النحراوي السابق.
ولما كان ابن تيمية يقرر هذه المسألة، ويرد على الجهمية والمعتزلة ظن كثير ممن لم يفهم مراده ولم يعرف مذهب السلف في هذه المسألة ظن أنه يقول بقدم العالم؛ لأنه يقول بحوادث لا أول لها، لأنهم يسمون أفعال الله الاختيارية، التي يفعلها بإرادته حوادث.
ولم يعلم هؤلاء أن لازم قولهم أشنع وأفظع، وهو أن الرب تعالى كان معطلاً عن الفعل ثم صار فاعلاً لأفعاله بعد أن لم يكن كذلك.