للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَفَقَّأَ فَوْقَه الْقَلَعُ السَّوَارِي ... وجُنَّ الْخَازِبازِ بِهِ جُنُونا

وأصل "الآن" إنما كَانَ "أوَان" حذفت منها الألف وغُيّرت واوها إِلَى الألف، كما قالوا فِي الراح "الرياح" أنشد الفَرَّاء أنشدني أبو القَمْقَام الأَسَدي١:

كأنّ مَكَاكِيَّ الجِوَاءِ غُدَيَّةً ... نشاوَى تَسَاقَوا بالرِّيَاح المُفلْفَلِ

فجعل "الرياح" و"الأوان" مرةً عَلَى جهة "فَعَل" ومرة عَلَى جهة "فَعَال" كما قالوا: "زَمَن" و"زَمَان" وإِن شئتَ جعلتَ "الآن" من قولك: "آن لَكَ أن تَفْعَل" أدخلتَ عَلَيْهَا الألف واللام ثُمَّ تركتها عَلَى مذهب فِعْل فأتى النصب من نصب "فَعَلَ" وهو وجه جيد. كما قالوا٢: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قيل وقال", و"الآن" فِي كتاب الله جلّ ثناؤه: {آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ} ٣، {آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} ٤ أي فِي هَذَا الوقت وهذا الأوان تتوب وَقَدْ عصيت قبل.

قال الزجاج: "الآن" عند الخليل وسيبويه مبنيٌّ عَلَى الفتح تقول: "نحن من الآنَ نَصِيرُ إِلَيْكَ" فتفتح. لأن الألف واللام إنما تدخل لعهد، و"الآن" تُعْهَد قبلَ هَذَا الوقت، فدخلت الألف واللام للإشارة إِلَى الوقت. المعنى: "نحن من هَذَا الوقت نفعل" فلما تَضَمَّنَتْ معنى هَذَا وجب أن تكون موقوفة ففتحت لالتقاء الساكنين.

باب إمَّا لا:

هما كلمتانِ "إِمّا" و"لا" تقول: "أُخرج" فإذا امتنع قلت: "إِمَّا لا فتكلَّمْ" أي "إِن لَمْ يكن منكَ خروج فليكن منك تكلّم".

فـ"إِمَّا" شرط و"لا" جَحْدٌ. كَأَنَّك قلت: "إِن لا".


١ ديوان امرئ القيس: ٦٣. والمكاكي: جمع المكاء: طائر. الجواء: البطن من الأرض والواسع من الأدوية.
٢ غريب الحديث: ٢/ ٢٧١.
٣ سورة يونس، الآية: ٩١.
٤ سورة يونس، الآية: ٥١.

<<  <   >  >>