للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بسم الله الرحمن الرحيم

[خطبة الكتاب]

الحمد لله وبه نستعين، وصلّى الله تعالى عَلَى محمد وآله.

قال الشيخُ أبو الحسينِ أحمدُ بنُ فارِسَ أدام الله تأييده:

هَذَا الكتاب "الصاحبي" فِي فقه اللغةِ العربيةِ وسننِ العربِ فِي كلامها. وإنَّما عَنْوَنْتُه بهذا الاسم لأنّي لما أَلَّفْتُه أَوْدعْتُه خزانةَ الصَّاحبِ١ الجليل كافي الكفاة، عَمَرَ اللهُ عِراص العلم والأدب والخير والعدل بطول عمره، تَجمُّلاً بذلك وتحسُّناً، إذ كَانَ يقبَلَه كافي الكفاة من علم وأدب مَرضِيّاً مقبولاً، وَمَا يَرْذُلُه أَوْ يَنفيه منفيّاً مَرْذولاً، ولأنّ أحسنَ مَا فِي كتابنا هَذَا مأخوذٌ عنه ومُفاد منه. فأقول:

إِن لعلم العرب أصلاً وفرعاً: أمَّا الفرعُ فمعرفة الأسماء والصفات كقولنا: "رجل" و"فرس" و"طويل" و"قصير". وهذا هو الَّذِي يُبدأ بِهِ عند التعلُّم.

وأمَّا الأصلُ فالقولُ عَلَى موضوع اللغة وأوَّليتها ومنشأها، ثُمَّ عَلَى رسوم العرب فِي مخاطبتها، وَمَا لَهَا من الافْتِنان تحقيقاً ومجازاً.

والنّاسُ فِي ذَلِكَ رجلانِ: رجلٌ شُغل بالفرع فلا يَعْرِف غيرَه، وآخَرُ جَمع الأمريْنِ معاً، وهذه هي الرُّتبة العليا، لأن بِهَا يُعلم خطابُ القرآن والسُّنة، وعليها يُعول أهلُ النَّظر والفُتيا، وذلك أن طالبَ العلم العُلويُ يكتفي من سماء "الطويل" باسم الطويل، ولا يَضِيرُه أن لا يعرف "الأشَقَّ"٢ و"الأَمقَّ"٣ وإن كَانَ فِي علم ذَلِكَ زيادةُ فَضل.

وإنَّما لَمْ يَضِره خفاءُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، لأنَّه لا يَكاد يجدُ منه فِي كتاب الله جل ثناؤه


١ هو الصاحب عباد وزير مؤيد الدولة أبي منصور بن بويه، وكانت له صحبة لأبي الفضل الوزير ابن العميد وأخذ عنه الأدب، توفي سنة ٣٨٥هـ/ ٩٩٥م.
٢ الأشق: من الخيل ما يشتق في عدوه يمينًا وشمالا، أو البعيد ما بين الفروج، والطويل.
٣ الأمق: من الخيل الطويل.

<<  <   >  >>