للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[باب اللغات المذمومة]

أما العَنْعَنة الَّتِي تُذكِر عن تَميم فقلبهم الهمزة فِي بعض كلامهم عيناً. يقولون: "سمعتُ عَنَّ فلاناً قال كذا" يريدون "أَنَّ".

ورُوي فِي حديث قَيْلَة: "تَحسب عَنِّي نائمةٌ" قال أبو عُبيد: أرادت تَحْسب أني، وهذه لُغة تميم. قال ذو الرمّة١:

أَعَنْ ترسَّمت من خرقاء منولة ... ماءُ الصَّبابة من عَيْنيك مَسْجُومُ

أراد "أن", فجعل مكان الهمزة عيناً.

وأما الكَشْكَشة الَّتِي فِي أسَد فقال قوم: إنهم يبدلون الكاف شيناً فيقولون: "عَلَيْشَ" بمعني "عَلَيْكَ". ويُنشدون٢:

فَعَيْناشِ عيناها وجيدش جيدُها ... ولَوْنُشِ إِلاَّ أنها غيرُ عاطلِ

وقال آخرون: يَصِلون بالكاف شيناً، فيقولون: "عَلَيكِش".

وكذلك الكسكَسة الَّتِي فِي رَبيعة إنما هي أن يَصِلوا بالكاف سيناً، فيقولون: "عَلَيْكِسْ".

وحدثني عليُّ بن أحمد الصبَّاحيُّ، قال سمعت ابن دُرَيْد٣ يقول: حروفٌ لا تتكلم بها العرب إِلاَّ ضرورة، فإذا اضطُرُّوا إِلَيْهَا حوَّلوها عند التكلم بها إِلَى أقرب الحروف من مخارجها.

فمن تِلْكَ الحروفِ الحرفُ الَّذِي بَيْنَ الباء والفاء. مثل "بور" إِذَا اضطُروا. فقالوا: "فور".


١ ديوانه: ٢٥٤. وفيه: خرقاء منزلة.
٢ البيت للمجنون، ديوانه: ٤٥ وفيه:
فعيناك عيناها وجيدك جيدها ... سوى أن عظم الساق منك دقيق
٣ هو أبو بكر أحمد بن دريد الأزدي، لغوي نحوي راوية، مات سنة ٣٢١هـ.

<<  <   >  >>