للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: ويدل على هذا المعنى دخول "الواو" بعد قوله: "ذلك" و"هذا" لأن ما بعد الواو يكون مَنْسوقاً على ما قبله بها وإن كان مُضْمَراً. وقال جلّ ثناؤه: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً} ١، ثم قال: {كَذَلِكَ} أي كذلك فعلناه ونفعله من التنزيل. ومثله في القرآن كثير.

لَوْ ولَوْلا:

"لَوْ" تدل على امِتناع الشيء لامتناع غيره، تقول: لو حَضَر زيدٌ لحضرت فامتنع هذا لامتناع هذا.

وكان الفرّاء يقول: "لو" يقوم مقام "إنْ"، قال جلّ ذكره: {وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} ٢ بمعنى: وإن كره، ولولا أنها بمعنى "أن" لاقتضت جواباً. لأنّ لولا بدّ لها من جواب ظاهر أو مُضْمَر كقوله جلّ ثناؤه: {وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ} ٣ وإنّما وُضِعت مقامَ "أنْ" لأنَّ في كل واحد منهما معنى الشرط، كما يقال في الكلام: "لأكْرِمَنَّكَ وإنْ جَفَوْتَني ولو جفوتني" و"لاعطينك وإن منعتني, ولو منعتني".

وأمّا "لَولا" فإنها تدل على امتناع الشيء لوجود غيره. تقول: "لولا زيدٌ لضربتك" فإنما امتنعت من ضربه لأجل زيد.

وقد يكون "لولا" بمعنى "هَلاَّ" كقوله جلّ ثناؤه: {فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا} ٤ أي "فَهلاَّ" قال الشاعر٥:

تَعدُّونَ عقرَ النيب أفضلَ مجدكم ... بَني ضَوْطَرَى لولا الكميَّ المقَنَّعا

أي: "هَلاَّ".

وكذلك "لَوْمَا"، كقوله جل ثناؤه: {لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ} ٦ أي "هَلاَّ تأْتينا".

وأما "لولا" الأول فكقوله جلّ ثناؤه: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ، لَلَبِثَ


١ سورة الفرقان، الآية: ٣٢.
٢ سورة التوبة، الآية: ٣٢.
٣ سورة الأنعام، الآية: ٧.
٤ سورة الأنعام، الآية: ٤٣.
٥ ديوان جرير: ٢٦٥. والنيب: جمع الناب. الناقة المسنة.
٦ سورة الحجر، الآية: ٧.

<<  <   >  >>