للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأي خميس لا أفأنا نِهابه ... وأسيافنا يقطرن من كبشه دماً

وأنشدني أبي١:

إن تَغْفِرِ اللهمَّ تغفِرْ جَمّا ... وأيُّ عبدٍ لَكَ لا أَلَمّا

أي: أيُّ عبد لك لم يُلِمَّ بالذنب.

وكان قُطرُب يقول: إن العرب تُدخل "لا" توكيداً في الكلام كما يُدخلون ما في مثل قوله جلّ ثناؤه: {فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ} ٢ و {فَبِمَا نَقْضِهِمْ} ٣ وكذلك {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ} ٤ أي: ما منعك أن تسجد. وكذلك {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} ٥ المعنى: أُقْسم. وقد يجوز في {لَا أُقْسِمُ} أن يكون نَفَى بها كلاماً تقدَّم منهم، كأن قال: ليس الأمرُ كذا؛ ثم قال: أُقسم. وقال زُهَير في "لا"٦:

مُوَرَّثُ المَجْد لا يَغْتالُ هِمَّتهُ ... عن الرِيّاسة لا عَجْزٌ ولا سَأمُ

أي: لا يغتالها عجز. وقال٧:

بيوم جَدودا لا فَضَحتُم أباكمُ ... وسالمتُمُ والخيلُ تَدْمَى نُحورُها

يريد: فضحتم أباكم. وحَكى قطرب: "ضربتُ لا زيداً". وقال آخر:

وقد حداهن بلا غير خُرُقْ

وقال الهُذلي٨:

أفعنك لا برق كأنّ وميضه ... غاب تسنّمه ضرام مُثقب

ومن الباب قوله جلّ ثناؤه: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} ٩.


١ مغني اللبيب: ١/ ٢٦٩، ونسبته إلى أبي خراش الهذلي.
٢ سورة البقرة، الآية: ٨٨.
٣ سورة النساء، الآية: ١٥٥.
٤ سورة الأعراف، الآية: ١٢.
٥ سورة القيامة، الآية: ١.
٦ ديوان زهير: ٩٥.
٧ الزهرة: ٢/ ٦٨١ ونسبه لأبي سفيان بن الحارث.
٨ هو ساعدة بن جؤية كما في شرح أشعار الهذليين: ١١٠٣، وفيه: غاب تشيمه.
٩ سورة الحديد، الآية: ٢٩.

<<  <   >  >>