للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تنفي خبراً متقدماً و"إن" تُثبت خبراً متأخراً، ولذلك لا تكاد تجيء إلا بعد نفي وجحد، مثل قوله جلّ ثناؤه: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} ١. ومما يدلّ على أن النون في "لكن" بمنزلة إن خفيفةً أو ثقيلة، أنك إذا ثقّلت النون نصبتَ بها وإذا خففتها رفعتَ بها.

مذْ ومنذُ:

هما ابتداءُ غايةٍ في زمان. نحو "مُذُ اليومِ" و"منذ الساعةِ".

مَا:

أصلُ "مَا" أنها تكون لغير الناس. تقول "ما مرَّ بك من الإبل?".

فأمّا قوله جلّ ثناؤه: {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} ٢ فقال أبو عبيدة: معناه ومَن خَلقَ الذكر والأنثى. وكذلك {وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا} ٣ أي "من بناها" وكذلك {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا} ٤. قال: وأهل مكَّةَ يقولون إذا سمعوا صوتَ الرعد "سُبحانَ ما سبَحتَ له" وبعضهم يقرأ: {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} ٥ أي: وخلقِهِ الذكر والأنثى.

و"ما" تكون صِلةً، كقوله جلّ ثناؤه: {قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} ٦ المعنى: قليلاً تذكّرون. ولو كانت اسماً لارتفع فقلت: "قليلٌ ما تذكرون" أي: قليلٌ تذكركم.

و"ما" تكون للتفخيم، كقوله جلّ ثناؤه: {الْحَاقَّةُ، مَا الْحَاقَّةُ} ٧ ومنه:

بَانَتْ لتَحزُننا عَفَارَهْ ... يا جارتا ما أنت جاره٨


١ سورة الأنفال، الآية: ١٧.
٢ سورة الليل، الآية: ٣.
٣ سورة الشمس، الآية: ٥.
٤ سورة الشمس، الآية: ٧.
٥ سورة الليل، الآية: ٣.
٦ سورة الأعراف، الآية: ٢.
٧ سورة الحاقة، الآية: ١، ٢.
٨ ديوان الأعشى: ٨٣.

<<  <   >  >>