للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك لكثرتها في الكلام واستعمال العرب إياها. قال عنترة١:

ولقدْ شفى نفسي وأبرأ سقُمَها ... قِيلُ الفوارس وَيكَ عَنْتَرَ أَقْدِمٍ

وقال آخرون: ويكَ "وَيْ" منفصلة مِن كأنّ كقولك للرجل: أما ترى بين يديك. فقال: "وَيْ" ثم استأنف كأن الله و"كأن" في معنى الظن والعلم. وفيها معنى تعجب. قال: وهذا وجه مستقيم، ولم تكتبها العرب منفصلة. ويجوز أنّ يكون كثر بها الكلام فُوصلت بما ليس منه، كما اجتمعت العربُ على كتاب "يا بْنَؤُمَّ" فوصلوها لكثرتها.

أوْلَى:

سمعت أبا القاسم عليَّ بن أبي خالد يقول: سمعت ثعلباً يقول "أولى له" أي: داناه الهلاك. وأصحابنا يقولون: "أوْلَى" تَهَدُّدٌ ووعيدٌ. وهو قريب من ذلك. وأنشدوا٢:

ألْفِيَتَا عيناكَ عند الْقَفَا ... أوْلَى فأوْلَى لك ذا واقيَهْ

وقال قوم -وأنا أبرأ مِن عهدته-: إن "أوْلَى" مأخوذ من "الوَيْل". وكان للويلِ فِعْل وتصريف دَرَجَ ولم يبق منه إلا "الويل" قطُّ. قال جرير٣:

يَعَمَلنَ بالأكبادِ وَيْلاً وآئِلا

فقوله: "أَوْلَى": "أَفْعَلُ" من الويل، إلاَّ أن فيه القلبَ.

وقال قوم "أَوْلَى": داناهُ الهلاك فليَحْذَرْ. قال:

أولى لكم ثم أولى أن تصيبَكُمُ ... مِنِّي نَواقِرُ لا تبقى ولا تَذَرُ٤

يا:

تكون للنداء، نحو: "يا زيدُ". وللدعاء نحو: "يا لله". وتكون للتعجّب، كقوله: "يا لَهُ فارساً". وفي التعجب من المذموم: "يا له جاهلاً". قال في المدح


١ ديوانه: ١٨٤.
٢ مغني اللبيب: ١/ ٤١٠. وخزانة الأدب ٩/ ٢١، ونسبته إلى عمرو بن ملقط.
٣ لسان العرب: مادة "وبل" وليس في ديوانه.
٤ النواقر: أي الكلام الذي يسوء، أو الحجج.

<<  <   >  >>