للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ} ١ أراد به من المؤمنين لقوله: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} ٢.

وأما الخاصُّ الذي يُرادُ به العامّ فكقوله جل ثناؤه: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ} ٣ الخطاب له -صلى الله عليه وسلم- والمراد الناسُ جميعاً.

باب إضافة الفعل إلى ما ليس بفاعل في الحقيقة:

ومن سُنن العرب إضافة الفعل إلى ما ليس فاعلاً في الحقيقة، يقولون: "أراد الحائطُ أن يقعَ" وفي كتاب الله جلّ ثناؤه: {جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} ٤ وهو في شعر العرب كثير. قال الشمّاخ٥:

أقامتْ على رَبعَيْهما جارتا صفاً ... كْمَيتا الأعالي جَوْنَتَا مُصْطلاهُما

فجَعل الأثافِيَّ مُقيمةً. وقال٦:

وأشعثَ وَرَّادِ العِدادِ كأنّهُ ... إذا انشقَّ في جَوز الفلاة فَليقُ

يصف طريقاً يَرِدُ ماء وهو لا وِرْدَ له. ومنه قوله٧:

كأني كَسوْتُ الرَّحُل أحقَبَ سَهْوقاً ... أطاعَ لهُ من رامَتَيْن حَدِيقُ

فجعل الحديثَ مطيعاً لهذا الحمارِ لمَا تمكّن من رَعيه، والحديق لا طاعة ولا معصية له.


١ سورة الشورى، الآية: ٥.
٢ سورة غافر، الآية: ٧.
٣ سورة الأحزاب، الآية: ١.
٤ سورة الكهف، الآية: ٧٧.
٥ ديوانه: ٣٠٨. أقامتْ على رَبعَيْهما: أي بعد ارتحال أهلهما. والربع: المنزل. والضمير في ربيعهما للدمنتين، والصفا: ويعني بجارتي الصفا: الأثفيتين. كميتا الأعالي: يعني أن أعلى كل من الأثفيتين في لونه كمته أي صفرة. والجون الأسود، والأبيض من الأضداد مصطلاهما: موضع الوقود، وأراد أن أسفل الأثفيتين قد اسود.
٦ ديوان الشماخ: ٢٤٣، وفيه: وأغبر وراد الثنايا ... إذا استشق في ... وجوز الفلاة: وسطها، فليتق داهية.
٧ ديوان الشماخ: ٢٤٥. الأحقب: الحمار الوحشي. السهوق: كل ما يروي ريا من سوق الشجر. ورامتين: موضع بالبادية.

<<  <   >  >>