للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الله جلّ ثناؤه: {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ} ١ وهو خطاب لخَزَنَة النّار والزَّبانِيَة. قال: ونُرى أن أصل ذلك أنَّ الرُّفْقة أدنى ما يكون ثلاثةُ نفرَ فجرى كلام الواحد على صاحبيْه، ألا ترى أن الشعراء أكثر الناس قولاً "يا صاحبي" و"يا خليليّ".

باب الفعل يأتي بلفظ الماضي وهو راهنٌ أو مستقبل وبلفظ المستقبل وهو ماضٍ:

قال الله جلّ ثناؤه: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ} ٢ أي: أنتم. وقال جلّ ثناؤه: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ} ٣ أي: يأتي ويجيء بلفظ المستقبل وهو في المعنى ماضٍ. قال الشاعر٤:

ولقد أمُرُّ على اللئيم يَسبُّني ... فَمَضيْتُ عنه وقلتُ لا يعنيني

فقال: "أمُرُّ" ثم قال: "مضيت". وقال٥:

وما أضْحِي ولا أمسَيْتُ إلا ... رأوْني منهمُ في كرفان

وفي كتاب الله جل ثناؤه: {فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ} ٦ وقال: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ} ٧ أي ما تَلَتْ. وقال آخر٨:

وندمان يزيد الكأس طيباً ... سقيت إذا تغوَّرت النجوم

ومثله: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ} ٩ المعنى: فلم عذَّب آباءكم بالمسخ والقتل? لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يَؤْمَر بأن يحتجّ عليهم بشيء لم يكن، لأن الجاحد يقول: إني لا أعذَّب, لكن احتج عليهم بما قد كان.


١ سورة ق، الآية: ٢٤.
٢ سورة آل عمران، الآية: ١١٠.
٣ سورة النحل، الآية: ١.
٤ هو شمير بن عمرو الحنفي، جاهلي، كما في الأصمعيات: ١٢٦، وفيه: وقد مررت على ... فمضيت ثمت قلت ...
٥ لسان العرب: مادة "كوف"، بلا عزو. وفيه: وإني منكم في كوفان.
٦ سورة البقرة، الآية: ٩١.
٧ سورة البقرة، الآية: ١٠٢.
٨ هو البرج بن الجلاس الطائي، جاهلي، الأغاني: ١٤/ ١٠، مغني اللبيب: ١/ ١٠٠.
٩ سورة المائدة، الآية: ١٨.

<<  <   >  >>