للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"سَمَّتْ" إذا خَصَّتْ و"اللامة" أصلها "ألمت" لكل لما قُرنت بالسّامّةِ جُعلت في وزنها.

وذكر بعض أهل العلم أن من هذا الباب كتابةَ المصحف، كتبوا: {وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} ١ بالياء وهو من ذوات الواو لمّا قُرن بغيره مما يَكتب بالياء.

قال: ومِن هذا الباب في كتاب الله جل ثناؤه: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ} ٢ فاللام التي في "لسلّطهم" جواب "لو" ثم قال: {فَلَقَاتَلُوكُمْ} فهذه حُوِّذيَت بتلك اللام، وإلاّ فالمعنى: لسلّطهم عليكم فقاتلوكم. ومثله: "لأعَذِّبنَّه عذاباً شديداً" أو "لأذبحنّه" فهما لاما قَسَم ثم قال: "أو لَيَأتِينّي" فليس ذا موضعّ قسم, لأنه عُذْر للهُدْهد, فلم يكن ليُقسِم على الهدهد أن يأتي بعُذر، لكنَّه لمّا جاء به على أثر ما يجوز فيه القسم أجراه مجراه، فكذا باب المحاذاة.

قال: ومن الباب "وَزَنْتُه فاتزَن. وكِلْتُه فاكْتال" أي استوفاه كَيْلاً ووزناً. ومنه قوله جلّ ثناؤه: {فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} ٣ تستوفونها لأنها حق للأزواج على النساء.

ومن هذا الباب الجزاء على الفعل بمثل لفظه، نحو: {إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ، اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} ٤ أي يجازيهم جزاءَ الاستهزاء. و {مَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ} و {يَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ} ٥ و {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} ٦ و {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} ٧. ومثل هذا في شعر العرب قول القائل٨:

ألا لا يجهلنْ أحدٌ علينا ... فنجهَلَ فوقَ جهلِ الجاهلينا


١ سورة الضحى، الآية: ٢.
٢ سورة النساء، الآية: ٩٠.
٣ سورة الأحزاب، الآية: ٤٩.
٤ سورة آل عمران، الآية: ٥٤.
٥ سورة التوبة، الآية: ٧٩.
٦ سورة التوبة، الآية: ٦٧.
٧ سورة الشورى، الآية: ٤٠.
٨ هو عمرو بن كلثوم، ديوانه: ٧٨.

<<  <   >  >>