للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونحن نعلم أن قوله: "كذب" يَبْعُدُ ظاهره عن باب الإغراء.

وكذلك قولهم "عنْكَ فِي الأرض" و"عنك شيئاً" وقول الأفْوه١:

عنكُم فِي الأرض إنَّا مَذْحِجٌ ... ورُويداً يفضح الليلَ النهارُ

ومن ذَلِكَ قولهم: "أعَمَدُ من سيّد قتله قومُه?" أي "هل زاد?" فهذا من مشكل الكلام الَّذِي لَمْ يفسر بعدُ. قال ابن ميَّادة٢:

وأعمَدُ من قوم كفاهم أخوهم ... صدامَ الأعادي حينَ فُلَّتْ نيوبُها

قال الخليل وغيره: "معناهُ هل زدنا علة أن كفينا?" وقال أبو ذْؤَيب٣:

صَخِبُ الشوارِب لا يزالُ كأنه ... عبدٌ لآل أبي ربيعة مُسْبَعُ

فقوله "مسْبَعٌ" مَا فُسّرَ حَتَّى الآن تفسيراً شافيًا. ومنه قول الأعشي٤:

ذاتُ غَرْب تَرمي المُقدَّم بالرَّدْ ... ف إِذَا مَا تتابع الأرواق

وقوله فِي هَذِهِ القصيدة٥:

المِهِنينَ مَا لهم فِي زمان الـ ... ـجدب حَتَّى إِذَا أفاق أفاقوا

ومن هَذَا الباب قولهم "يا عيد ما لك" و"يا هيئ ما لك" و"يَا شَيْء ما لك".

وَلَمْ يفسّر قولهم "صَهُ" و"وَيْهَكَ" و"إنيْه" ولا قول القائل٦:

بخائبك الحَقْ يَهْتِفُونَ وحَيّ هَل

ويقولون: "خائِبكُما" و"خائبكم".

فأمَّا "الزَّجرُ والدّعاء" الَّذِي لا يُفْهم موضوعُه فكثير. كقولهم: "حيِّ هَلاَ", و"بِعَيْنٍ مَا أرَيَنَّك", فِي موضِع أعْجَل, و"هَج", و"هَجَا", و"دَعْ", و"دعا",


١ الطرائق الأدبية: ١٣. والأفوه الأودي هو صلاءة بن عمرو، شاعر جاهلي حكيم.
٢ ديوان ابن مقبل: ٧٩، وابن مقبل هو تميم بن أبي المتوفى سنة ٢٥هـ، وقل: ثلم. وفل القوم: هزمهم. وفي مقاييس اللغة مادة "عمد"، ونسبه لابن ميادة، وهو الرماح بن أبرد المتوفى سنة ١٤٩هـ.
٣ شرح أشعار الهذليين: ١٢٥. وأبو ذؤيب هو خويلد المتوفى سنة ٢٧هـ.
٤ ديوانه: ١٢٤، وفيه: تدافع الأرواق.
٥ ديوانه: ١٢٥، وفيه: في زمان السوء.
٦ هو الكميت بن زيد الأسدي المتوفى سنة ١٢٦هـ, والبيت في ديوانه: ٢/ ٩٨.

<<  <   >  >>