للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَدْ تجتمع الَّتِي للنداء والتي للعجب فيقولون١:

ألا يا لقوم لِطَيْف الخيال ... يُؤَرّقُ من نازِحٍ ذي دلاَل

وتكون للأمر. نحو: {لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} ٢ وربما حُذفت هَذِهِ فيقولون٣:

محمد تَفْدِ نَفسكَ كلُّ نَفْسٍ

وقالوا فِي لام الأمر: كَانَ الأصل "اذهب" فلما سقطت الألف لَمْ يوصل إِلَى الفعل إِلاَّ بلام، لأن الساكن لا يُبْدأ بِهِ.

وقوله جل ثناؤه: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا، لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ} ٤ فقال قائل: لِمَ جاز أن تكون المَغْفِرة جزاءً لِما امُتَنَّ بِهِ عَلَيْهِ وهو قوله: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا} ? فالجواب من وجهين: أحدهما أن الفتح وإن كَانَ من الله جلَّ ثناؤه فكل فعل يفعله العبد من خير فالله الموفق لَهُ والمُيَسّر، ثُمَّ يجازي عَلَيْهِ، فتكون الحسنة من العبد مِنةً من الله جلّ وعزّ عَلَيْهِ. وكَذلك جزاؤه لَهُ عنها منه. والوجه الآخر أن يكون قوله جلّ ثناؤه: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ، وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ} ٥ فأمَرَهُ بالاستغفار إِذَا جاء الفتح، فكأنه أعلمه أنه إِذَا جاء الفتح واستغفر غفر لَهُ مَا تقدم من ذنبه وَمَا تأخر، فكأن المعنى عَلَى هَذَا الوجه: إنا فتحنا لَكَ فتحاً مبيناً، فإذا جاء الفتح فاستغفر ربك ليغفر لَكَ الله مَا تقدم من ذنبك وَمَا تأخر. وقال قوم: فتحنا لَكَ فِي الدّين فتحاً مبيناً لتهتدي بِهِ أنت والمسلمون فيكون ذَلِكَ سبباً للغفران.

ومن اللامات لام العاقبة. قوله جل ثناؤه: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} ٦ وَفِي أشعار العرب ذَلِكَ كثير:

جاءت لتُطعمَه لحما ويَفْجَعَها ... بابنٍ فقد أطعمت لحماً وَقَدْ فجعا


١ شرح أشعار الهذليين: ٢/ ٤٩٤، وفي خزانة الأدب، ٢/ ٤٢٠.
٢ سورة الحج، الآية: ٢٩.
٣ شرح شذور الذهب: ٢٧٥، وفي المقتضب ٢/ ١٣٢ بلا نسبة. وعجزه:
إذا ما خفت من شيء تبالا
٤ سورة الفتح، الآية: ١.
٥ سورة النصر، الآية: ١.
٦ سورة القصص، الآية: ٨.

<<  <   >  >>